للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحيلة، فنوع آخر من الانحراف الذي يتمثل، لا في جهل الصفة الشرعية للعمل في ذاتها، بل على وجه التحديد، في إرادة استعمال هذه الشرعية حرفيًا، لإخفاء عملية أخرى يحرمها الشرع.

وتلك هي (الحيل) التي يستعملها بعض رجال الأعمال، من أجل أن يحللوا الربا والكسب الحرام.

ففي هذه الطريقة، نجد أن الاختلاف لا ينصب على الموضوع المباشر، بل على غاياته.

ولا حاجة بنا إلى مزيد من القول، لإثبات تفوق (الحيلة) ، على (الذريعة) ، في المكر والخديعة، والطرق الملتوية، والتخافت والنية السيئة المبيتة، والخبث والأنانية الجشعة، وغير ذلك من التفنن في ارتكاب الوسائل المفضية إلى الأمور المحرمة.

وإنما نريد إبراز الصورة، التي تتوضح معانيها وملامحها بالتمثيل لها، فإنها من دونه تبقى صورة مبهمة غامضة، غير أن هذا يستغرق كتابًا ضخمًا، وطبيعة البحث تستدعي منا اقتضابًا، لا استيعابًا.

ومع هذا فإني مضطر إلى أن أقول شيئًا، وساقتصر على إبراز الحالات الواضحة، التي ركز عليها الكتاب والسنة، تركيزًا خاصًا.

(وكلمة أخرى) : تمس الحاجة إليها، وهي: أن أي انحراف عن (الطريقة المستقيمة) ، يفضي بالضرورة إلى ما لا نهاية له من الاتجاهات، والمنعطفات، والغوايات، والتخبطات. وهو ما أشار إليه القرآن الكريم، في قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣] .

ولنشرع الآن في معالجة بعض الانحرافات التي تتمثل في التهرب من الأوامر الشرعية، أو الاحتيال عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>