من استعراض الصور التي ذكرناها، في القسم الأول من ورقة العمل هذه، وبعد وضوح واقع النقود المعاصرة، وما يطرأ عليها من تضخم، يمكننا الآن التفكير فيما قد تقع فيه النقود المعاصرة من صور الكساد والانقطاع المذكورة.
١ - فالصورة الأولى: وهي منع الحكومة التعامل بنقد معين واستبداله بنقد جديد، بنفس القيمة، مع عدم وجود القديم في جميع البلدان، ولا عند الصيارفة أو في البيوت، قد حصلت في بلدان كثيرة، وبخاصة عندما يتغير نظام الحكومة بكامله، كأن تكون ملكية فتصبح جمهورية، فتصدر الحكومة عملة جديدة، وتعطي الحكومة –في العادة- مهلة لتبديل النقد القديم، أما النقود المتمثلة في الحسابات المصرفية، فتتقمص الاسم الجديد، أو النقد الجديد بصورة تلقائية.
ولا شك أن جميع الالتزامات السابقة تتحول إلى النقد الجديد، حتى ولو تغير اسمه، طالما أن القيمة للوحدة النقدية هي نفسها، ولا مجال هنا للقول بالسداد بالعملة القديمة، لانعدام وجودها، وانعدام ثمنيتها، ولا يستطيع شخص، لم يبدل عملته بالجديدة، خلال الوقت المضروب، أن يحاول إلقاء خسارته على دائنه، بالوفاء بالعملة القديمة، فإن الدين لم يكن متمثلًا بأعيان أوراق، أو أشكالها، أو أسمائها، وإنما ثمنيتها، والتي انتقلت تلقائيًّا إلى الوحدات النقدية الجديدة. (١)
٢ - والصورة الثانية: وهي مثل الصورة الأولى، مع اختلاف واحد، هو أن قيمة العملة الجديدة وتختلف عن القيمة القديمة، مثال ذلك إلغاء الفرنك الفرنسي القديم، وإصدار فرنك جديد يعادل مائة فرنك قديم، وحكم هذه الصورة هو حكم الصورة الأولى أيضًا، حيث تنتقل الالتزامات الآجلة إلى العملة الجديدة بنفس نسبة مائة من القديم إلى واحد من الجديد.
(١) أما حالة إلغاء طبعة معينة من العملة على نحو إلغاء طبعة عام ١٩٦٠ مثلًا، أو إلغاء الورقة ذات المائة دينار، فإنها لا تؤثر على الالتزامات والعقود من باب أولى؛ لأن الالتزامات الآجلة لم تتعلق بطبعة، أو بفئة معينة من العملة.