للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بالنسبة للتضخم العالي، فإن جميع الإجراءات السابقة يلجأ إليها أيضًا إضافة إلى أربعة أنواع محددة من الممارسات هي:

١ - الربط بمستوى الأسعار Indexation: ويعني أن تتزايد الالتزامات الآجلة بصورة آنية مع ارتفاع المستوى العام للأسعار، ويمكن أن يكون الربط شرطًا من شروط العقد، فيحدد أجر العامل مثلًا بمقدار معين مضروبًا بمقياس مستوى الأسعار الذي يتم اختياره بالاتفاق، وليكن مقياس أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية، وذلك بصورة دورية كل شهر مثلًا. وتحدد الودائع المصرفية، وغيرها من الديون الآجلة بشرط مماثل في العقد.

كما يمكن أن يكون الربط الآني هذا سياسة عامة تفرضها الدولة. علمًا بأنه لم تلجأ دولة ما في العالم إلى الربط الكامل، لكل ما هو آجل، من عقود والتزامات، وإن لجأت كثير من الدول إلى نوع من أنواع الربط، كربط الأجور مثلًا، أو ربط شرائح الضريبة التصاعدية، وقد وصل هذا الربط في بعض الدول إلى معظم – وليس كل- أنواع المعاملات.

٢ - رفع قيم الالتزامات والعقود الآجلة، بقرار حكومي، بصورة دورية، أو غير دورية، وهنا تعمد الدولة إلى زيادة الأجور، ورفع سعر الفائدة على الودائع، والقروض المصرفية، والفائدة التي تفرضها المحاكم على المداينات وغير ذلك كل ثلاثة شهور، أو كل ستة شهور مثلًا، ولا تلتزم الدولة عادة بأن تكون الزيادة معادلة لمعدل التضخم. فكثيرًا ما نجد أن سعر الفائدة على الودائع المصرفية يصبح سالبًا إذا طرحنا منه معدل التضخم، وكثيرًا ما نجد القوة الشرائية لأجور العمال مثلًا تتناقص فعلًا على الرغم من الزيادات الدورية التي فرضتها الدولة؛ لأن نسبة الزيادة المفروضة تقل عن معدل التضخم، وقد تقصد الدولة من وراء ذلك تحقيق أهداف اقتصادية، واجتماعية، وسياسية معينة.

٣ - التعامل بعملة أجنبية: حيث يعمد الأفراد، وأحيانًا الحكومة نفسها، إلى استعمال عملة أجنبية أكثر استقرارًا، في معاملاتهم وعقودهم، وهذا لا يخلص المعاملات الآجلة من كل التضخم؛ لأنه يبقي على التضخم الذي يقع في بلد تلك العملة نفسها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه يدخل أيضًا التغيرات الناشئة عن مضاربات الأسواق العالمية للعملات في الالتزامات الآجلة. يضاف إلى ذلك، أن الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقود الأجنبية في البلد، يعني أن البلد يصدر إلى الخارج سلعًا حقيقية مقابل وسائل الدفع هذه، وأن كل تزايد في الكميات التي يحتفظ بها داخليًّا منها، هو إنضاب لموارد داخلية مقابل هذه الأرصدة.

٤ - التسوية القضائية لآثار التضخم: حيث يترك للمحاكم أمر الحكم في معالجة سداد الديون والالتزامات، عند سدادها، فتقوم المحاكم بتحديد الواجب سداده لقاء الالتزام، في كل حالة على حدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>