للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن القول إذن أن مسألة كساد النقود غير متصورة في العصر الحاضر وإن تغيرت العملات وحل الحديد منها محل القديم.

ويستثنى من ذلك الحالات التالية:

١- احتلال جيش بلد ما لقطر آخر وإسقاط نظامه السياسي وإلغاء عملته وفرض عملة الغازي على الناس في البلد المحتل (١) .

٢- انهيارالنظام السياسي بسبب الحرب الأهلية وذهاب سلطة الحكومة ووجودها المؤثر في البلاد، فعندئذٍ يحل بنقودها الكساد وتصبح عملتها غير ذات قيمة (٢) .

وحتى في الحالتين المذكورتين آنفًا فإن الحكومة التي سيستتب لها الأمر ستعلن عند إصدارها لعملة جديدة (٣) سعر الصرف بين عملتها الجديدة وعملة البلد القديمة.

وفي الحالتين المذكورتين فقط نرى أن كلام الفقهاء في موضوع كساد النقود له اتصال بالنقود المعاصرة.

ويرى الكاتب أن الحالة الأولى –فقط- تقتضي فيها العدالة وتحقيق مقاصد الشرع العمل على الربط بالقيمة لاحتمال أن المحتل سوف يحدد لعملة البلد القديمة سعرًا مجحفًا لا يراعي فيه مصالح أهل البلد المحتل.

والنتيجة: أن الكساد وإن كان مما يصيب النقود في الحاضر كما كان يصيبها في الماضي إلا أن ما يترتب عليه من مشكلات شديدة الاختلاف عبر الزمان القديم، بل إن فتاوى الفقهاء القدامى إنما تعالج مشاكل غير موجودة في عالم اليوم فليس لها (أي تلك الفتاوى) عندئذٍ –في نظر الكاتب- مناط في عالمنا المعاصر، والله اعلم.

ج- الغلاء والرخص:

إذا كان الانقطاع والكساد لم يعد –في نظر الكاتب- من التغيرات التي تصيب النقود المعاصرة، فإن الغلاء والرخص هو مما تتعرض له النقود في الزمن الحاضر كثيرًا، وتتولد عن ذلك مشكلات متعددة تدخل ضمن ما تعارف الاقتصاديون على تسميته بالتضخم.


(١) مثل ما حدث في الكويت إبان الاحتلال العراقي
(٢) مثل الذي حدث في يوغسلافيا السابقة أو الاتحاد السوفيتي المنحل
(٣) مثل الجمهوريات التي ظهرت بعد سقوط يوغسلافيا أو الاتحاد السوفيتي

<<  <  ج: ص:  >  >>