للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا آنفًا طبيعة النظام النقدي المعاصر وأنه يقوم على النقود الائتمانية. فهذا الانقطاع عندئذٍ لا يتصور في ظل النقود الائتمانية.

والنتيجة: أن كل ما ذكره الفقهاء من أحكام في موضوع الانقطاع ليس له مناط في زمننا الحاضر. والله أعلم.

ب- كساد النقود (١) :

وقد عرفه الفقهاء بأنه إبطال التداول بنوع من العملة وسقوط رواجها في البلاد كافة، من ذلك إيقاف حكومة ما إصدار النقد الذي كان متداولًا في البلاد، يحدث هذا في الوقت الحاضر في حالات كثيرة لا سيما في البلاد النامية التي تحدث فيها الانقلابات العسكرية، أو عند تغير السياسة النقدية أو المالية للحكومة ... إلخ، كما كان يحدث قديمًا عند تغير السلاطين والملوك والحكومات.

وقد اعتادت الدول في العصر الحديث على خلاف ما كان في الماضي، أن تضرب للناس عندما تقدم على تغير العملة، أجلًا تسمح لهم فيه أن يستبدلوا العملة الجديدة بالقديمة، ثم هي – دائمًا - تحدد لهم سعر الصرف بين العملتين، مثل أن تقول: كل جنيه جديد يساوي في الصرف خمسة قديمة..إلخ، ولا نعرف دولة حديثة أقدمت على إلغاء عملتها القديمة وإصدار عملة جديدة بدون أن تفعل ما ذكر من الاستبدال وتحديد سعر الصرف، وقد أشرنا آنفًا أن تحديد الحكومات لسعر صرف لعملاتها تسعى إلى استقراره، وتدافع عنه وتحرص على استمراره وهو أمر حديث ما كان معروفًا إلا في أنظمة الإصدار النقدية القديمة.

إذن فإن الحقوق والالتزامات والديون والقروض لن تتأثر كثيرًا بإبطال النقود، ولما كان سعر الصرف بين العلميتين قد حدد بمرسوم فلا خلاف –في نظر الكتاب- بين حالة الكساد هذه وبين أن يقترض الرجل من أخيه ألفًا من الريالات فيقبض منه ورقتين من فئة ٥٠٠ ريال، ثم إذا حان الأجل وجد أن الحكومة قد ألغت فئة الـ ٥٠٠ ريال، فقضاه عشر ورقات من فئة ١٠٠ ريال، لا فرق بين الحالتين، والله أعلم. (٢) .


(١) وقد يسميه بعض الفقهاء الإبطال أو قطع التعامل أو ترك المعاملة
(٢) على أننا يجب أن ننتبه أننا نفترض هنا أن كلا العملتين القديمة والجديدة هي من أنواع النقود الائتمانية لا السلعية، أما الانتقال من النقود السلعية إلى الائتمانية فالأمر فيها مختلف: فمثلًا عندما خرجت المملكة العربية السعودية من نظام الإصدار السلعي (ممثلًا بالريال الفضي والجنيه الذهبي) إلى النقود الورقية أفتى علماء المملكة باستحقاق الدائنين الذين سبقت عقودهم النظام الورقي ما ثبت في ذمة المدينين من عملة مثل الريال الفرنسي أو الريال الفضي وهذا عين الصواب. والله أعلم. انظر ص ٢٠٥ في مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي المملكة ورئيس القضاء والشئون الإسلامية، جمع وترتيب محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة ١٣٠٠ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>