للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تحدث الفقهاء القدامى عن الغلاء والرخص وما يترتب على ذلك من أثر على الديون والمهور المؤجلة والقروض..إلخ، والغلاء والرخص عندهم إنما هو مسألة تتعلق بالديون المعقودة بالفلوس أو الدراهم والدنانير المغشوشة وليس بالذهب والفضة، ذلك أنهم قد أجمعوا على أن الديون بالدرهم والدينار لا تتأثر بالغلاء والرخص، فليس للدائن إلا ما ثبت في ذمة المدين ولم يشذ عن ذلك أحد بمن فيهم أبو يوسف –رحمه الله- (١) هذا مع أنهم كانوا يعرفون التضخم كما سيأتي تفصيله.

وانقسموا في موضوع الديون والالتزامات المعقودة بالفلوس أو الدراهم المغشوشة في حالات الغلاء والرخص إلى أقوال ثلاثة:

أ- فمنهم من قال: ليس للدائن إلا ما ثبت في ذمة المدين كالحنابلة، جاء في المغني "قد ذكرنا أن المستقرض يرد المثل في المثليات سواء رخص سعره أو غلا أو كان بحاله، ولو كان ما أقرضه موجودًا بعينه فرده من غير عيب يحدث فيه لزم قبوله سواء تغير سعره أو لم يتغير.." (٢) والشافعية، قال في الأم: "ومن سلف فلوسًا أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي سلف أو باع بها" (٣) .

والمالكية: جاء في المدونة "قلت: أرأيت إن أتيت إلى رجل فقلت له أسلفني درهم فلوس، ففعل، والفلوس يومئذٍ مائة فلس بدرهم ثم حالت الفلوس ورخصت حتى صارت مائتا فلس بدرهم، قال: إنما يرد ما أخذ لا يلتفت إلى الزيادة" (٤) .

ب- ومنهم من قال: يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في ذمة المدين يؤديه دراهم أو دنانير، وهذا رأي أبي يوسف (٥) .


(١) فقد نقل ابن عابدين قي تنبيه الرقود (ص ٦١- ٦٢) : وإن خلاف أبي يوسف في مسألة ما إذا غلت أو رخصت إنما هو في الفلوس فقط.. وقال: "وإياك أن تفهم أن خلاف أبي يوسف جارٍ في الذهب والفضة.. فإنه لا يلزم من وجب له نوع منها سواه بالإجماع"
(٢) المغني ٢/ ٣٦٥
(٣) الأم: ٣/ ٣٣
(٤) المدونة ٨/ ١٣٥
(٥) انظر رسائل ابن عابدين ٢/ ٦٠ و٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>