للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت الدول ذات الاقتصاد المزدهر غير آمنة من الاهتزازات التي تسببها الاختيارات الأميركية، فإن دول العالم الثالث أشد إحساسًا وأكثر تأثرًا بالعوامل الخارجية زيادة عن تأثرها بأوضاعها الداخلية، فالاقتصاد فيها معلق بأرجوحة تتحرك حركة لا يتحكم فيها راكبها!

وأقرب مثال على هذا الدور الأميركي الخطير على استقرار أوضاع الاقتصاد، ما حدث في شهر مارس في هذه السنة ١٩٩٥ لما انخفض سعر الدولار في الأسواق، كل المعلقين الاقتصاديين الذين استمعت إليهم يثبتون في تحليلهم أن هذا الانخفاض ليس نتيجة واقع فرض نفسه على الدولار لتنخفض قيمته، وإنما هو إرادة لخفض قيمته.

جاء في خاتمة تعليق الفيقارو (le Figaro) عدد ١١-١٢ مارس ١٩٩٥ على انهيار سعر الدولار في الأسواق: إن العالم لا يمكنه أن يعيش إلى الأبد في الفوضى النقدية وتحت تهديد الانهيار الاقتصادي، المؤسسات غير الأميركية وأجراؤها والمساهمون فيها ليس من المعقول أن يتحملوا التقلبات المفاجئة لمزاج الورقة الخضراء، عندما ينخفض الدولار فإن المصدر الفرنسي أو الإيطالي لا يمكنه أن يضيف بذلك المقدار قيمة مبيعاته في السوق الأميركية، وأيضًا فإن الذين يبيعون المواد الأولية "وهي بصفة عامة الدول في طريق النماء" خاسرون لأن مبيعاتهم مقدرة دائمًا بالدولار وحده، ما فائدة هذه المفاوضات التي لا نهاية لها؟ وهذا التمثيل النفساني (psycho drame) للتجارة العالمية، إذا كان بين ساعة وأخرى يمكن لبلد أن يغير لفائدته ميزان المعيار.... في هذا العالم الذي يكتنفه الخطر، الدول غنية والدول فقيرة عليها أن تواجه نفس الأزمات النقدية هي في غالب الأحيان نفس الأزمات النقدية، وهي في الغالب مكلفة للدول الغنية وهي دائمًا مؤلمة بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو.

٣- إنه بجانب هذه الهيمنة الأميركية المعلنة هناك هيمنة أخرى أشد مكرًا ودهاء هي القوة الخفية التي لا يهمها إلا أن تحقق لنهمها في الثراء ما يتجاوز كل حد، هي لا يهمها مصلحة الدولة التي تنتسب إليها، ولا مصالح البشرية، إنهم بعبثهم بالأسواق يحققون لأنفسهم أرباحًا خيالية تزيد في سيطرتهم على الأسواق فتخضع التحركات المالية علوًّا وانخفاضًا لشرههم المالي، وبذلك يكون تأرجح العملات قنوات تحول لجيوبهم ملايين الدولارات في اليوم الواحد!

٤- القرارات التي يتخذها مجلس الأمن وخاصة الدول الكبار الخمس. في فرض عقوبات اقتصادية على بلد من البلدان، فإذا بعملته تنهار ويحدث التضخم الكبير الحلزوني، كما وقع في ليبيا والعراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>