والفلوس قيمتها في التعامل أكثر من قيمتها المادية إذا كانت سكة رائجة ولذا فإذا أبطل العمل بها تهاوت قيمتها، وتعود إلى أصلها من قيمة مادتها المصنوعة منها ولذا فهي أقرب إلى الورق النقدي وإن كانت أفضل منه، فقد كانت وحدة التعامل في بلدي قبل الحرب العالمية الثانية هي الفرنك الموازي الفرنك الفرسي، وكانت السكة الرائجة في مضاعفات الفرنك الورق النقدي – ٥/ ١٠/ ٢٠/ ٥٠/ ١٠٠/ - وكانت وحدة الفرنك من معدن هو خليط من النحاس وغيره، وينقسم الفرنك إلى عشرين وحدة، وكل وحدة منها هي "الصوردي" والصوردي له مضاعفات هي –٢ –٥ –١٠ – وكانت قطع الصوردي من خليط من النحاس أقل جودة من مادة الفرنك – فلما اشتعلت الحرب واحتل المحور البلاد التونسية عمدوا إلى طبع الأوراق النقدية لمجابهة نفقات الجيش، فأخذت ظاهرة التضخم تتسارع وانقطع التوريد أو كاد فكانت المسابك تشترى "الصوردي ومضاعفاته" بثمن أرفع من قيمته الرائجة وانقطع من الوجود في التعامل إذ من كان بيده شيء منه باعه للمسابك.
فالأوراق النقدية تتحد مع الفلوس في أن قيمتها أرفع من مادتها، وأنه يمكن للإنسان بواسطتهما إبراء الذمة أو تقديمها كأثمان أو أجور ونحو ذلك، وتختلف عنها، ذلك أن مادة الفلوس لها قيمة بخلاف الأوراق النقدية لا قيمة لها إذا بطل العمل بها، ولكن هذا الفارق قد نص مالك على عدم اعتباره لقوله إن الناس لو أجازوا بينهما لجلود حتى تكون لها سكة وعين لكراهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة، فهو قد سوى بين الفلوس التي مادتها معدن والتي مادتها جلد، وليس معنى ذلك أن الفلوس تكون من جلود كاملة، ولكنه يعني أنها تقطع قطعًا صغيرة فيطبع عليها كما يطبع على سكة الفلوس، إذ الجلد يغوص فيه النقش المقلوب المحفور أو البارز على الطابع – كما يشاهد ذلك في تجليد الكتب القديمة.