للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وبالنسبة للرأي الثاني القائل بالرجوع إلى القيمة عند الانقطاع.

أ- رأي ابن سحنون وما فهمه ابن محرز من كلام أشهب وما حكاه أبو الحسن الصغير عن ابن شاس ورأي ابن عتاب. وابن دحون معللًا بأنه أخذ على العوض فله العوض = أي في باب القرض: المقترض استهلك الفلوس التي أخذها ليعوض له بدلها، وبدلها هو ما يساويها، يدل على أنه إذا انخفضت انخفاضًا بينًا أنه يرد القيمة.

٢- تعليل الشيخ عبد الحميد الصائغ: أنه أعطاه منتفعًا به ليأخذ بدله منتفعًا به فلا يظلم بأن يعطى ما لا منفعة له فيه ولا يحصل هذا إلا بأن يأخذ قيمتها، وهذا التعليل يقتضي طبعًا أنه إن نقصت نقصانًا بينًا كان عليه رد القيمة.

وأوضح من ذلك توجيه المازري لرأي شيخه عبد الحميد في مناقشته للشيخ أبي الحسن اللخمي: أن السكة لما كانت مما بين فيها جواز المعاملة على اختلاف الأسواق فإن اختلافها اختلافًا يتفاوت تفاوتًا كثيرًا يؤثر في العقد، على معنى أنه إذا تركنا المتخلد في الذمة تنهار قيمته انهيارًا كبيرًا يتضرر منه الدائن، فقد انتهى العقد سواء أكان عقد بيع أو قرض إلى جهالة في العوض عند حلول أجل القبض، جهالة فيها غرر كبير، وهو مما يفسد العقد.

٣- أن أشهب سوى في فوات الفلوس بين حوالة السوق وبطلانها (١) .

٤- أن الرهوني وهو يتابع الأقوال وتوجيهها أحسن بهذا المعنى فقال: وينبغي أن يقيد رأي المالكية: بما إذا لم يكثر جدًّا حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه، لوجود العلة التي علل بها المخالف (٢) .

وبهذا يظهر أن جريان التشريع لى منهج واحد يقتضي عدم التفرقة بين كساد الفلوس وانقطاعها، وبين وهن قدرتها الشرائية وهنًا يتضرر منه الدائن، فمن منع في هذا من الرجوع إلى القيمة في الكساد منع أيضًا في نقصان القيمة، ومن اعتبر القيمة في الكساد وجب أن يعتبرها في النقص البين.

أما تحديد النقص البين في هذا المقام فإني لم أجد فيه نصًّا فإما أن تلحق بالجائحة وهو الأقرب فيجري فيها الخلاف الوارد في الجائحة، وإما أن يعتبر ما يتضرر منه الدائن، وهنا يختلف التقدير، ففي الديون الكبرى كعشرة ملايين ريال مثلًا، فحتى عشرة في المائة تعتبر خسارة كبيرة للدائن، وفي مائة ريال يتسامح في ١٠? عادة ولهذا يرجع في تقدير ذلك إلى القضاء الذي يعطي لكل حالة ما يناسبها من الحكم وهو من باب تحقيق المناط حسبما بينه الإمام الغزالي.

العملة الورقية:

العملة الورقية هي كالفلوس تقاس عليها وتأخذ أحكامها، وذلك أنها بعيدة عن الذهب والفضة إذ الذهب والفضة لهما قيمة في أعيانهما، ولا يزيد الدينار المضروب أو الدرهم على مادتها إلا قيمة الضرب إذا لم تقم بالضرب الدولة من بيت المال، وقد تحدث الفقهاء عن أحكام من يأتي بذهبه أو فضته إلى دار الضرب، وإذا أبطل الحاكم التعامل بنقد منهما فإن الناس لا يتضررون من ذلك ضررًا كبيرًا، وقد كان المتعاملون يتعاملون بالوزن إذا اختل عيار النقد بالعد.


(١) حاشية الرهوني ج ٥ ص ١٢١
(٢) حاشية الرهوني ج ٥ ص١٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>