ثانيًا: إن الفلوس إذا بقيت ثابتة القيمة فالأمر واضح تقضى الديون بأثمانها كما يجوز الاتفاق على اقتضاء القيمة من نقد آخر بسعر اليوم.
ثالثًا: إن النقود إذا بطل التعامل بها. أو تغيرت بزيادة أو نقص فقد اختلف فيها الفقهاء:
١- إن العبرة في الأداء هو بعملة يوم التعاقد، ولا ينظر لقوتها الشرائية ويعللون ذلك بما يلي:
أ- أن النقود من المثليات، والمثليات تقضى بالمثل لا بالقيمة، وهو التعليل الذي علل به القرار المجمعي رقم "٤- د- ٥"
ب- أن النقود لا ثمن لها، وهذا ما علل به البرزلي (١) على معنى أنها وضعت معيارًا لغيرها فلو رجعنا إلى القيمة انقلبت أوضاع التعامل واختلطت، وفقد الناس في تعاملهم المعيار الذي يرجعون إليه.
ج– أن النقود إذا كسدت أو انحطت قيمتها فهي مصيبة حلت بمستحقها تقاس على من اشترى دابة فماتت أو على من أسلم في بضاعة فانحط ثمنها يوم القبض وهذا القياس هو الذي وجه به اللخمي.
د- ألزم ابن رشد من يقول بالرجوع للقيمة بإلزامات ثلاثة:
أولًا: أنه لا يجوز للمتبايعين فسخ العقد إذا كان الثمن والمثمن عروضًا، يعني - والله أعلم - إذا تغيرت القيمة، فإذا تغيرت القيمة كان العائد لأحدهما أكثر مما أعطي وهو ممنوع حسبما ضبط في بيوع الآجال.
ثانيًا: أنه إذا أبطل السلطان التعامل بالفلوس وأجرى الذهب والفضة فقط أن على من كان عليه دين بالفلوس أن يجب عليه أن يقضي دينه من الذهب والفضة، معنى هذا أن يكون المدين ملزمًا بدفع دينه بعملة لم يلتزم بها.
ثالثًا: أن السلطان إذا أبدل الميزان أو المكيال بأوفى أو أقل إنه يجب على من تعلق بذمته عروض مقدرة بمكيال أو ميزان أو يقضي دينه بالمكيال الجديد. أي أن اعتماد التحول الأخير في العملة يوجب أن يلتزم المدين المكيال الأخير سواء أكان أكبر أم أقل.