للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقابل هذا المشهور فيما يعطيه كلام المؤلف أن الشاذ القضاء بقيمتها، ولا أدري كيف يتصور القضاء بقيمتها مع وجودها، إلا أن يريد بقيمتها يوم تعلقت بالذمة لا يوم حلول الأجل، وهو مع ذلك مشكل لأنه إلزام لمن هو في ذمته أكثر مما التزم به وإنما حكى هذا عن ابن سحنون إذا انقطعت أي عدمت.

وصور المسألة الثانية بقوله: ولو عدمت فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم يعني إذا لم ينقطع التعامل بها، ولكنها لم توجد وقت اجتماع الاستحقاق والعدم فإنه يجب فيها القيمة يوم حلول الأجل لأنه حينئذ أعني – يوم حلول الأجل - وجب قضاؤها فلم توجد.

وإن تأخر طلبها بعد حلول الأجل بشهر مثلًا فقطعت في نصف ذلك الشهر فإنه يجب قيمتها في نصف ذلك الشهر لا في أوله وهو وقت حلول أجل الدين، ولا في آخره يوم التحاكم لأنها لم تزل في ذمته يوم الانقطاع وهذا معنى قول المؤلف: فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم وهذا القول هو اختيار الشيخ أبي الحسن اللخمي.

وقال بعض الشيوخ: عليه قيمتها يوم تحكمهما قال: لأنها لم تزل في ذمته إلى يوم التحاكم فيها والأول أقرب إلى التحقيق.

وإن كان قول ابن سحنون جاريًا في هذه الصورة فتكون فيها ثلاثة أقوال. (١)

فابن عبد السلام يؤكد أن مشهور المذهب أن الفلوس إذا كانت موجودة بأيدي الناس، ولكن انقطع التعامل بها فقضاء الدين من سلف أو بيع يكون بتلك الفلوس ولو كانت لا تساوي شيئًا يذكر معتبرًا ذلك مصيبة حلت بالدائن.

وإن القول الشاذ: هو استحقاق الدائن للقيمة ويتوقف في المراد بالقيمة، فإن كان المراد بالقيمة، قيمتها يوم السداد فإنه يعكر عليه أنها موجودة فكيف تقوم؟ وإن كان المراد قيمتها يوم تعلقها بالذمة أي يوم عقد البيع أو القرض فإنه يشكل عليه أن المدين التزم بأداء ما عليه يوم حلول الأجل مضبوط الصفة والعدد، فإلزامه بقيمة الدين يوم العقد لا يوم الوفاء إلزام بما لم يلتزم به.

وناقشه تلميذه ابن عرفة: بأن الفلوس إذا عدمت فإننا نقدر وجودها ونقومها على حسب ذلك التقدير فكذلك إذا كانت موجودة وانقطع التعامل بها فإنا نقدرها على اعتبار ثبوت التعامل بها.

والذي يظهر لي أن مناقشة ابن عرفة غير منزلة على كلام ابن عبد السلام، لأن كلام ابن عبد السلام مبناه أن الفلوس من المثليات وهي موجودة فكيف تخرج من دائرة المثلي إلى دائرة التقويم.

وأما إذا لم يبطل التعامل بها ولكنها فقدت في السوق، ففيها ثلاثة أقوال:

١- إن الواجب القيمة للدين يوم الاستحقاق وانعدامها فإذا حل أجل الدين يوم غرة المحرم وكانت يومها موجودة ولكنه لم يتقاض دينه فانقطعت في نصف المحرم وتمكن من اقتضاء دينه في نهاية المحرم فإن القيمة هي قيمتها في نصف المحرم.

٢- إن الواجب القيمة يوم التحاكم نهاية المحرم.


(١) شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب ج ٥ ص ٤١٢/٤١٣ مخطوط توبكابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>