للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما حكاه أيضًا أبو الحسن الصغير في كتاب الصرف. حيث قال: وحكى عن ابن شاس أنه قال: إذا كانت الفلوس من بيع، على المبتاع قيمة السلعة (١)

كل من نقل قول ابن سحنون اعتبر أن هذا الرأي رأي شاذ لا يعتمد.

إلا أنه في القرن الخامس أخذ هذا القول الشاذ يجد تأييدًا. ويفتى به في بعض الأمصار.

فقد ذكر الونشريسي أن ابن الحاج سئل عمن عليه دراهم فقطعت تلك السكة فأجاب: أخبرني بعض أصحابنا أن أبا جابر فقيه أشبيلية قال: نزلت هذه المسألة بقرطبة أيام نظري فيها في الأحكام – ومحمد بن عتاب حي ومن معه.. فانقطعت سكة ابن جهور بدخول ابن عباد - فأفتى الفقهاء: أنه ليس لصاحب الدين إلا السكة القديمة، وأفتى ابن عتاب بأن يرجع في ذلك إلى قيمة السكة المقطوعة ويأخذ صاحب الدين القيمة من الذهب، قال وأرسل إلي ابن عتاب. فنهضت إليه فذكر المسألة. وقال لي: الصواب فيها فتواي فاحكم بها ولا تخالفها أو نحو هذا الكلام. (٢)

إن ما نقله ابن الحاج عن ابن عتاب يتفق فيه ابن عتاب مع ما نقل عن ابن سحنون حسب الفهم الأول: أن القيمة هي المرجع وأنها قيمة السكة المنقطعة لا قيمة السلعة.

وأنه يعمم في هذا سواء أكان الدين ترتب عن بيع أو عن قرض، بل إن ابن دحون رحمه الله كان يفتي بالقيمة يوم القرض ويقول: إنما أعطاها على العوض فله العوض (٣) فابن دحون يوجه ما أفتى به: أن المقرض والمقترض قد عقدا قرض المعروف بينهما على أن المقترض ينتفع بما اقترضه، ثم يرد عوض ما اقترضه مساويًا له، ولا يظلم المقترض بمطالبته بأكثر مما أخذ، ولا يظلم المقرض باسترجاعه أقل مما أعطى والعوض المساوي لا تظهر المساواة عنده في العدد فقط ولكن تظهر المساواة أن يكون لما يأخذه قيمة مساوية لما أعطاه، فلو أعطاه نفس العدد وقد انحطت قيمة السكة فقد ظلمه. كما نقل عن أبي عمر بن عبد البر أنه يتوسع في اعتبار الوضع يوم القضاء لا يوم العقد قال: وكان الفقيه أبو عمر بن عبد البر يفتي فيمن اكترى دارًا أو حمامًا بدراهم موصوفة جارية بين الناس حين العقد، ثم غيرت دراهم ذلك البلد إلى أفضل منها أن يلزم المكتري النقد الثاني الجاري حين القضاء، دون النقد الجاري عند العقد.

ويعلق الونشريسي. وقد نزلت هنا ببلنسية حين غيرت دراهم السكة التي كان ضربها القيسي وبلغت ستة دنانير بمثقال، ونقلت إلى سكة أخرى كان صرفها ثلاثة دنانير للمثقال، فالتزم ابن عبد البر السكة الأخيرة وكانت حجته في ذلك: أن السلطان منع من إجرائها وحرم التعامل بها.


(١) حاشية الرهوني ج ٥ ص ١٢٠/١٢١
(٢) المعيار ج ٦ ص١٦٣.
(٣) المعاير ج ٦ ص١٦٣

<<  <  ج: ص:  >  >>