للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإبطال السكة كان في وقت السكة: ليست في يد صاحبها: لأنها إما عند المقترض أو المشتري لأجل، وله أن يقول لو كان المال بيدي لتحوطت ولعرفت كيف أواجه الواقع الجديد.

لكن القاضي كان شديدًا في الرد على صاحب هذا النظر:

١- أنه قول ساقط لا يستحق أن يلتفت إليه الفقهاء ولا أن يعتبروه وجهة نظر أصلًا.

٢- لأنه يتناقض مع قواعد الإسلام في خط مخالف لنصوص الكتاب وللسنة – إذ هو من باب فتح باب لأكل أموال الناس بالباطل - فالتعليل هو أكل المال بالباطل الذي ورد النص الواضح فيه قرآنًا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] . ثم أخذ يلزم قائل هذا القول بإلزامات ثلاثة وسنزيد هذا بيانًا فيما بعد إن شاء الله.

٣- أنه يلزم هذا القائل أن يكون الواجب إذا قطع السلطان التعامل بالفلوس أنه يجب أداء الدين من الذهب والفضة، فكأن هذه الحالة عنده من الوضوح في الحرمة أنه مما لا يقول به أحد.

والعجب من القاضي أبي الوليد كيف يحتد على قائل هذا القول مع أنه منقول عن ابن سحنون، وهو الذي فهمه ابن محرز من كلام أشهب، قال ابن عرفة: ابن بشير حكى الأشياخ عن كتاب ابن سحنون إن انقطعت الفلوس قضى بقيمتها وذكر ابن ناجي في شرحه على قول التفريع المتقدم: "ومن اقترض دراهم أو دنانير أو فلوسًا إلخ" (١)

وفي كتاب ابن سحنون إن انقطعت الفلوس قضى قيمتها. ونحوه وقع لأشهب على ما فهمه ابن محرز (٢)

الرأي الثاني في المذهب المالكي هو الرجوع إلى القيمة

فقد ذكر ابن ناجي في شرحه لكلام صاحب التفريع المتقدم: "وفي كتاب ابن سحنون إن انقطعت فلوس قضى قيمتها، ونحوه وقع لأشهب على ما فهمه ابن محرز" (٣)

وظاهر كلام ابن ناجي أن ابن سحنون نص على أنه يجب عند انقطاع السكة دفع قيمة السكة المنقطعة. وأن هذا المذهب لم ينص عليه أشهب وإنما فهمه ابن محرز من كلامه.

إلا أن حمل كلام ابن سحنون على أن القيمة قيمة الفلوس هو ما فهمه بعض من نظر في كلامه، وذكر الحطاب وقبله خليل في شرحه لكلام ابن الحاجب: ولو قطعت فلوس فالمشهور المثل: قال خليل: ذكر ابن بشير أن الأشياخ حكوا عن كتاب ابن سحنون أنه يقضي بقيمتها، وظاهره أنه يقضي بقيمة الفلوس، لكن حكى بعضهم عن كتاب ابن سحنون أنه يتبعه بقيمة السلعة اهـ.


(١) الرهوني ج ٦ ص ١٢٠
(٢) شرح ابن ناجي على التفريع مخطوط المكتبة الوطنية ورقة ١١٨
(٣) مخطوط التفريع ورقة ١١٨ المكتبة الوطنية - تونس

<<  <  ج: ص:  >  >>