للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- النجش: وهو زيادة في سعر السلعة المعروضة للبيع لا لرغبة في شرائها بل ليخدع غيره فيثبت الخيار للمشتري إذا لم يعلم بأن الذي يزيد لا يريد الشراء.

ج- المسترسل: وهو الشخص الجاهل بقيمة الأشياء ولا يحسن المساومة والفصال، ويشتري مطمئنًا إلى أمانة البائع ثم يتبين أنه غبن غبنًا فاحشًا فيثبت له الخيار بفسخ البيع". (١)

وعليه؛ الغبن نوعان: يسير وفاحش. والغبن اليسير: ما يدخل تحت تقويم المقومين، والغبن الفاحش: ما لا يدخل تحت تقويم المقومين.

وقدر نصر بن يحيى الغبن الفاحش بنصف العشر في العروض أي ٥? التجارية، والعشر في الحيوانات، والخمس في العقار أو زيادة.

وبعد هذا الاستعراض لبعض أقوال العلماء لمعنى الكساد والتغير الفاحش الكثير لقيمة العملة، وأقصى بيان للمراد من الكثير أنه ما زاد على النصف. فإني أرى أن هبوط قيمة العملة الورقية إلى ما دون النصف ملحق بحكم كسادها، يوجب القيمة للحقوق وقت العقد، وإن تجاهل التدهور النقدي الفاحش فيه ظلم لأصحاب الحقوق، فالقرض صدقة باستخدام المال لزمن معين، وليس صدقة بأكثر المال.

وممكن أن تقوم هذه الحقوق الثابتة في هذه الحال بكمية من الورق النقدي بما يعادلها من الذهب وقت ثبوتها.

جاء في المعيار المعرب: "ما الحكم فيمن أقرض غيره مالًا من سكة ألغي التعامل بها؟ ... أفتى ابن عتاب بأن يرجع في ذلك إلى قيمة السكة المقطوعة من الذهب ويأخذ صاحب الدين القيمة من الذهب ... وكان أبو محمد بن دحون يفتي بالقيمة يوم القرض، ويقول: إنما أعطاها على العوض فله العوض" (٢)

ويقول الرهوني من علماء المالكية: "إذا أبطلت تلك العملة واستبدلت بغيرها فيرجع إلى قيمة العملة الملغاة من الذهب ويأخذ صاحب القيمة ذهبًا" (٣)

ويقول ابن النجار في كتابه منتهى الإرادات وشرحه للبهوتي في باب القرض: "ما لم يكن القرض فلوسًا أو دراهم مكسرة فيحرمها السلطان أي يمنع التعامل بها، ولو لم يتفق الناس على ترك التعامل بها، فإن كان كذلك فله أي المقرض قيمته أي القرض المذكور وقت قرض نصًّا؛ لأنها تعيبت، وسواء نقصت قيمتها قليلًا أو كثيرًا، وتكون القيمة من غير جنسه أي القرض، إن جرى فيه أي أخذ القيمة من جنسه ربا فضل بأن اقترض دراهم مكسرة وحرمت، وقيمتها يوم القرض أنقص من وزنها فإنه يعطيه بقيمتها ذهبًا" (٤)

وبالقيمة من الذهب يقول أبو يوسف: "وعليه قيمتها من الذهب يوم وقع القرض" (٥)

يقول الدكتور رفيق المصري: " ... إن قرض هذه النقود الورقية ولا سيما في بعض البلدان التي تتدهور فيها قيمة النقود تدهورًا مخيفًا لا بد من اتخاذ إجراءات لحمايته والمحافظة على استمراريته، أما ما ذهب إليه بعض العلماء من تجاهل هذه الحقيقة فهذا يعني ضمنًا أنهم موافقون على الظلم الذي يلحق بالمقرض أو أنهم غير مبالين بالقرض منح أو منع، أو أنهم متجاهلون للخلل الكبير الذي أصاب تلك النقود في أدائها لوظيفة الدفع المؤجل، فكيف يقال: إن هذه النقود الورقية تقوم مقام النقدين في كل شيء؟ هل تقوم مقامها في وظيفة الدفع المؤجل. (٦)


(١) الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبه الزحيلي، طبع دار الفكر: ٤/٢٢٣
(٢) المعيار المعرب لأحمد بن يحيى الونشريسي المتوفى ٩١٤ هـ، ٦/١٦٣، ١٦٤، طبع دار الغرب الإسلامي.
(٣) حاشية الرهوني: ٥/١٩٩ نقلًا عن كتاب دراسات في أصول المداينات، مرجع سابق ص ٢٠٩
(٤) شرح منتهى الإرادات لمنصور البهوتي. ٢/٢٢٦؛ ومنتهى الإرادات لابن النجار: ١/٢٩٨. مرجع سابق
(٥) تنبيه الرقود ص ٦٢. مرجع سابق.
(٦) الإسلام والنقود ص ٥٨. مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>