للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الأمر عند القائلين بالقيمة من المالكية مثل ابن عتاب وابن دحون، حيث أفتيا برعاية القيمة –في مسألة إلغاء السكة- يوم القرض. (١)

بل إن كثيراً من العلماء ذهبوا إلى اعتبار القيمة يقوم العقد، ونشأة سبب الضمان في مسائل كثيرة، فقد ذكر لنا ابن نجيم منها: المقبوض على يوم الشراء. فالاعتبار لقيمته يوم القبض، أو التلف، ومنها المغصوب القيمي إذا هلك، فالمعتبر قيمته يوم غصبه اتفاقاً، وكذلك المغصوب المثلي إذا انقطع عند أبي يوسف، ومنها المقبوض بعقد فاسد تعتبر قيمته يوما القبض؛ لأنه به دخل في ضمانه، ومنها العبد المجني عليه، تعتبر قيمته يوم الجناية، ومنها: ما لو أخذ من الأرز والعدس، ونحوهما وكان قد دفع إليه ديناراً مثلاً، لينفق عليه، ثم اختصما بعد ذلك في قيمة المأخوذ.. قال في اليتيمة: تعتبر قيمته يوم الأخذ. (٢)

وذكر السيوطي أمثلة كثيرة جدًّا، روعيت فيها القيمة يوم القبض، منها مسألة ماء التيمم، في موضع عز فيه الماء حيث تراعى قيمته في ذلك الموضع في تلك الحالة على الصحيح عند جمهور الأصحاب، وكذلك الطعام والشراب حالة المخمصة، ومنها مسألة المبيع إذا تخالفا، وفسخ وكان تالفاً يرجع إلى قيمته يوم التلف على رأي لأنه مورد الفسخ، ويوم القبض على رأي آخر؛ لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه، وما يعرف بعد ذلك من زيادة أو نقصان فهو ملكه، ومنها المستعار إذا تلف تعتبر قيمته يوم القبض على وجه، وكذلك المقبوض على جهة السوء، إذا تلف. (٣)

قال النووي، في مسألة رد القيمي في القرض بالقيمة: "يرد القيمة يوم القبض، إن قلنا يملك به" (٤)

وقال السيوطي: "وإذا قلنا: إنه يرد في المتقوم القيمة، فالمعتبر قيمة يوم القبض إن قلنا يملك به، وكذا إن قلنا: يملك بالتصرف في وجه" (٥)

وقد نص الإمام أحمد في الدراهم المكسورة بعد كسادها على أنه يقومها: كم تساوي يوم أخذها (٦) قال صاحب المطالب: "ويجب على المقترض رد قيمة غير المكيل والموزون يوم القبض" (٧) وقال ابن قدامة: " تجب القيمة حين القرض "؛ لأنها حينئذ ثبتت في ذمته (٨) وقد نص إمام الحرمين والغزالي، وغيرهما من فقهاء المذهب الشافعي على أن العبرة في حالة تغير النقد، هو النقد الذي كان سائداً يوم العقد، ولا ينظر لنقد يوم الحلول. وكذلك الثمن المؤجل إذا حل (٩) وقال مالك:

"لا بأس أن يضع الرجل عند الرجل درهماً، ثم يأخذ منه بربع، أو ثلث، أو بكسر معلوم: سلعة معلومة، فإذا لم يكن في ذلك سعر معلوم، وقال الرجل: آخذ منك بسعر كل يوم، فهذا لا يحل؛ لأنه غرر يقل مرة، ويكثر مرة. ولم يفترقا على بيع معلوم" (١٠) وهذا الكلام يدل على اعتبار سعر معلوم عند بداية التصرف.


(١) المعيار المعرب (٦/٤٦١-٤٦٢)
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٦٢-٣٦٤)
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي ص (٣٦٨-٣٧٧)
(٤) الروضة (٤/٣٧) .
(٥) الأشباه والنظائر ص (٣٧١)
(٦) المغني لابن قدامة (٤/٣٦٠)
(٧) مطالب أولي النهى (٣/٢٤٣)
(٨) المغني (٤/٣٥٣)
(٩) النهاية لإمام الحرمين –مخطوطة (٧/٢٨٨) نقلاً عن الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب في كتابه القيم: فقه إمام الحرمين ص (٤٢٠) ؛ وراجع الوسيط للغزالي مخطوطة طلعت (جـ ٢/١٤٨)
(١٠) الموطأ ص (٤٠٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>