للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح في تكييف عقد الحسابات الجارية (الوديعة تحت الطلب) :

بالاطلاع على كثير من الكتابات التي عنيت بتكييف الحسابات الجارية للمصارف ظهر اتفاق كثير من القانونيين مع كثير من الشرعيين في اعتبار الودائع المصرفية الجارية قرضا. صاحب المال هو المقرض، والمصرف هو المقترض، وهذا يعني تمليك هذه النقود للمصارف بحيث يحق لها التصرف فيها بشرط أن يكون مستعدا لسدادها حين طلبها. (١)

جاء في الأسس القانونية (تسلم المدفوعات إلى الطرف الآخر القابض على سبيل التمليك وذلك حتى يمكن قيدها بالحساب الجاري) . (٢)

وجاء في الوديعة المصرفية (وتكيف الوديعة تحت الطلب التي تتخذ شكل الحساب الجاري الدائن بأنها قرض غير مشروط بأجل يستقرضه المصرف من المودع؛ لأنها نقود يعلم المودع أن المصرف يتصرف فيها وقد دفعها إليه راضيا بذلك فكان إذنا بالتصرف) (٣)

ولا فرق في تكييف الودائع بهذا، سواء كانت الإيداعات في بنوك ربوية أو إسلامية، بل الفرق يكون في العائدات ومجال النشاط، فإن حدد قدر العائد من المودع (ك) ٥ % كان قرضا ربويا محرما، وإن كان العائد ناشئا عن مضاربة أو مشاركة وحددت نسبة من الربح حسب أصول المشاركات الشرعية كان عملا جائزا.

ويمكن تأييد هذا الاتجاه بعدة أمور:

١- ورد في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل مظلوما وإن همي لديني ... بع مالنا فاقض ديني وأوصي بالثلث ... فقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا الأرضين ... قال: وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة ... قال عبد الله بن الزبير فحسب ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف) (٤)


(١) سامي حسن حمود، تطوير الأعمال المصرفية: ٢٩١-٢٩٢؛ محمد باقر الصدر؛ البنك اللاربوي: ٨٨؛ العمر، النقود الائتمانية:١٢٢-١٢٣؛ جهاد أبو عويمر، الترشيد الشرعي: ٢١٧؛ غريب الجمال، المصارف وبيوت التمويل: ٧٧؛ أحمد الحسني، الوديعة المصرفية:١٠٢؛ على السالوس، حكم ودائع البنوك: ٥٢؛ سميحة القليوبي، الأسس القانونية: ٤٩٥.
(٢) سميحة القليوبي:٤٩٥.
(٣) الحسني:١٠٥.
(٤) البخاري، الجامع الصحيح مع فتح الباري٦/٢٢٧-٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>