وأما القول بأن الوديعة المصرفية عقد ذو طبيعة خاصة لاختلاف مقاصد العاقدين فيناقش بأن القرض عقد إرفاق في الأصل، وقد يخرج عن هذا المقصد إلى مقصد آخر كحفظ المال والأمن عليه من السرقة، وقد أقر هذا التوجيه فقهاء الإسلام قديما وحاضرا.
جاء في كشاف القناع (قال القاضي: ومعنى الحظ في قرض مال الصبي والمجنون أن يكون للصبي أو المجنون مال في بلد فيريد الولي نقله إلى بلد آخر فيقرضه الولي إلى رجل في ذلك البلد ليقضيه بدله في بلده، يقصد الولي بذلك حفظه ... من نهب أو غرق أو غيرهما أو يكون المال يتلف بتطاول مدته أو يكون حديثه خيرا من قديمه ... وإن أراد الولي أن يودع ماله – أي الصغير أو المجنون- فقرضه لثقة أولى من إيداعه؛ لأنه أحفظ له)(١)
ولو قيل: إن الأموال ودائع بالمعنى الحقيقي أو الناقص لعدم استغلالها والعمل بها تعديا يأثم المتصرف في المال بسببه؛ لأنه لا يجوز لأحد انتفاع بمال غيره دون رضا صاحبه.
وأما القول بأن هذه الفوائد التي تعطى تعتبر إجارة، فيرد بأن النقود لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء أعيانها وما لا ينتفع به مع بقاء عينه لا يصلح للتأجير.