للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ت - أما إذا كان رأس المال معينا مشاهدا في مجلس العقد، فهل يصح إسلامه جزافا دون بيان قدره وصفاته؟ كأن يقول رب السلم: أسلمتك هذه الدنانير في كذا إلى أجل كذا، دون أن يبين عددها. أو أسلمتك هذه الصبرة من القمح في كذا دون بيان قدرها ... وبعبارة أخرى: هل تعتبر الإشارة إلى رأس المال الحاضر كافية في رفع الجهالة عنه، واعتباره معلوما، أم لا بد من بيان القدر والصفات بالإضافة إلى ذلك؟ اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:

(القول الأول) لأبي حنيفة والثوري والقاضي عبد الوهاب البغدادي من المالكية: وهو أنه لا يشترط ذكر صفات رأس مال السلم، سواء أكان مثليا أو قيميا، حيث إن المشاهدة تكفي في رفع الجهالة عن الأوصاف.

أما قدره، فهناك فرق بين كون رأس المال مثليا يتعلق العقد بمقداره وبين كونه قيميا. فإن كان مثليا – المكيلات والموزونات والذرعيات والعدديات المتقاربة – فإنه يجب بيان القدر، ولا تكفي المشاهدة. أما إذا كان قيميا، فلا يشترط بيان قدره، وتكفي الإشارة إليه (١) .

(والقول الثاني) للمالكية والصاحبين من الحنفية والشافعية في الأظهر وظاهر كلام الخرقي من الحنابلة: وهو أنه تكفي المعاينة إذا كان رأس مال السلم معينا، ولا يشترط ذكر قدره أو صفاته؛ وذلك لأنه عوض في عقد لا يقتضي رد المثل، فوجب أن تغني المشاهدة عن ذكر صفاته ومقداره، كالمهر والثمن في البيع (٢) .


(١) ابن الهمام، فتح القدير، مرجع سابق ٦/٢٢١، ابن عابدين، رد المحتار، مرجع سابق ٤/ ٢٠٧؛ القاضي عبد الوهاب، الإشراف على مسائل الخلاف، مرجع سابق ١/ ٢٨٠؛ الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/ ٢٠٢
(٢) ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/ ٣٣١؛ الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/ ٢٠١؛ زكريا الأنصاري، أسنى المطالب، مرجع سابق ٢/ ١٢٤؛ ابن عابدين، رد المحتار، مرجع سابق ٤/ ٢٠٧؛ الرملي، نهاية المحتاج، مرجع سابق ٤/ ١٨٣؛ الحطاب، مواهب الجليل شرح مختصر خليل، ٤/ ٥١٦ مط. السعادة بمصر سنة ١٣٢٩هـ؛ الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٣٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>