وهذه الطريقة لا تشملها الروايات المانعة، لأنها تمنع من العقد الثاني إذا جرى على ما جرى عليه العقد الأول (لا تبعه حتى تكيله أو تزنه) . وإذا نظرنا إلى استثناء بيع التولية نقطع بأن الممنوع هو البيع الثاني إذا جرى على ما وقع عليه البيع الأول حيث إن التولية هي (أن يبيع ما اشتراه أوّلا برأس ماله". أما هنا فلم يبع ما جرى عليه العقد الأول، بل وكل دائنه في أخذ المبيع من مدينه فهو استيفاء، وفائدته سقوط ما في ذمته منه.
لكن هذه الطريقة التي قلناها هنا، لا نقولها في مورد نفهم الملاك من المنع، كما إذا حلف إنسان أو نذر عدم بيع بيته وكان السبب في ذلك هو أن لا يبقى بدون مأوى هو وعائلته رغم الظروف التي يمر بها، ففي هذه) الصورة إذا باع بيتا كليا في الذمة ثم قال للمشتري: أعطيك بيتي وفاء لما في ذمتي، فإن العرف يرى أنه ممنوع من هذا العمل بواسطة حلفه أو نذره، وذلك لعلمنا بالملاك الذي دعاه للحلف أو النذر بعدم بيع داره، وهو أعم من البيع بحيث يشمل إعطاء داره وفاء لبيع بيت كلي.
ومثال أوضح لذلك: هو النهي عن بيع أمهات الأولاد في الشريعة الإسلامية، كما ورد عن علي عليه السلام، فالنهي وضعي يدل على البطلان، والملاك والغاية منه هو تحرر الأمة (أم الولد) من نصيب ولدها إذا مات سيدها، وحينئذ يرى العرف أن بيع أمة على الغير بنحو الكلي في الذمة ثم يعطي أمته وفاء عما في ذمته مشمول للنهي وذلك لأن العلة التي أوجبت الحكم عامة تشمل هذه الصورة. وهذا يختلف عما نحن فيه حيث إن العلة المانعة من بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه غير معلومة لنا، فلا يكون المنع شاملا لهذه الصورة.