للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالث الشروط الضرورية في رأينا أن يكون هناك التزام عام بعقود عمل مكتوبة ومسجلة رسمياً لدى هيئات مختصة أو لدى بعض الهيئات المعروفة، مثل هيئة التأمينات الاجتماعية أو النقابات العمالية؛ ذلك لأن بعض أصحاب الأعمال قد يحاولون التهرب من الالتزام بتعديل الأجور النقدية على مدى السنوات المتتالية إذا لم تكن عقود العمل مدونة ومسجلة وموضحاً فيها شروط العمل ومعدل الأجر.

أما الشروط الكافية للعلاج المقترح فتتعلق بمواجهة الآثار السلبية أو الجانبية غير المرغوبة المترتبة على التطبيق، وأهم هذه الآثار على الإطلاق ينبعث من العلاقة الدائرية بين الأجور والأسعار، فكما أن الارتفاع التضخمي في الأسعار يستدعي زيادة الأجور النقدية، فإن هذه بدورها يمكن أن تؤدي إلى زيادة حدة التضخم، فالتضخم كما هو معروف له أسباب عديدة، وأحدها زيادة الأجور النقدية التي لا تقابلها زيادة في الإنتاجية الحقيقية للعمال على المستوى الكلي للاقتصاد، فالزيادة في الأجور النقدية تؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي الكلي، بينما أن ثبات الإنتاجية الحقيقية للعمال –أو عدم زيادتها بمعدل متقارب مع الزيادة في الأجور النقدية- يعني أن الناتج الحقيقي الكلي من السلع والخدمات لم يتغير –أو تغير بمعدل غير متناسب مع التغير في الإنفاق الاستهلاكي- وهذا مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، لذلك فإن ثمة اختلال قد ينشأ بسبب زيادة الأجور النقدية التي تتقرر بناء على الارتفاع في الأسعار، وهذا الاختلال يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، فإذا رفعنا الأجور مرة أخرى دخلنا في دائرة مفرغة، أو ما يسمى بلولب الأسعار / الأجور.

ومن جهة أخرى فإن الاختلال الناشئ بين الأجور النقدية التي سوف نربطها بالرقم القياسي للأسعار من جهة، والإنتاجية التي تتحدد بعدد من العوامل الأخرى من جهة ثانية لن يكون عاما أو بنفس الدرجة في جميع الأنشطة داخل الاقتصاد، فالواقع أن بعض الأنشطة سوف تتميز بارتفاع الإنتاجية بمعدل يفوق الارتفاع في المستوى العام للأسعار، بينما تشهد أنشطة أخرى عكس هذا الوضع أو ربما تظل الإنتاجية فيها ثابتة، وفقط في الأنشطة التي ترتفع فيها الإنتاجية بمعدل يفوق أو يساوي معدل الزيادة النقدية في الأجور (التي ترتبط بالمستوى العام للأسعار) فإن أثر الربط القياسي للأجور لن يكون تضخمياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>