وبالإضافة إلى عدم تحقيق هدف العدالة عند الاعتماد على إحصائيات غير صادقة، فإن هناك آثاراً اقتصادية سيئة سوف تترتب على ربط الأجور برقم قياسي غير دقيق أو غير معبر عن تغيرات الأسعار، ويلاحظ أن الكثير من الدول النامية ومن بينها الدول الإسلامية المعاصرة تفتقر إلى الإحصائيات الدقيقة الخاصة بالأسعار، وتفتقر إلى المؤسسات الكفء في مجال الإحصاء، هذا الأمر يثير المخاوف بالطبع حيث يبين أحد أوجه النقص التي سوف نواجهها عند تطبيق العلاج المقترح، ومع ذلك فإن من الممكن تفادي هذا النقص أو القصور بإعادة النظر في تنظيم وعمل الأجهزة المسؤولة عن جمع الإحصائيات واستخدامها، وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة المشهود لهم بالأمانة والحيدة العلمية، وكذلك بالاجتهاد قدر الاستطاعة في جمع البيانات الواقعية بدقة، وحث مختلف الأفراد على التعاون في هذا المجال.
أما ثاني الشروط الضرورية لتطبيق العلاج المقترح، فيتمثل في وجود هيئة رسمية عليا على المستوى الوطني تصبح مسؤولة بصفة دائمة عن ربط الأجور بالتغيرات في المستوى العام للأسعار، وذلك بالتنسيق مع السلطات الاقتصادية للدولة (وزارة الاقتصاد والبنك المركزي) من جهة، ومع أصحاب الأعمال والعمال من جهة ثانية، وهذه الهيئة العليا، ولنطلق عليها هيئة الأجور والأسعار سوف تضم إذاً ممثلين من وزارة الاقتصاد ومن البنك المركزي ومن الهيئات الممثلة لأصحاب الأعمال والنقابات العمالية، بالإضافة إلى بعض أهل الخبرة من رجال الاقتصاد والشريعة، ودور الهيئة العليا للأجور والأسعار كبير الأهمية، ولا غنى عنه، حيث يتمثل في إعلان النسبة المئوية أو المدى الذي سوف تتحرك فيه الأجور تبعاً لتغيرات الأسعار، ومتى يبدأ التنفيذ؟ وفي أي الأنشطة أولاً، ثم أي الأنشطة بعد ذلك؟ وهل يسمح بتحرك الأجور لأعلى تدريجياً أم دفعة واحدة؟ وكذلك يتعين على الهيئة العليا للأجور والأسعار الاتصال بممثلي أصحاب الأعمال والعمال للتأكد من سير الأمور بدقة وفقاً للخطة الموضوعة أو البرنامج المقترح، وتفادي أوجه النقص أو القصور التي تظهر خلال التنفيذ حتى لا تقود هذه إلى مشاكل قد يكون لها انعكاسات خطيرة على الأسعار والنشاط الإنتاجي.