للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصف العلاج:

يتمثل العلاج المقترح في ربط معدلات الأجور بالرقم القياسي لأسعار التجزئة، وهذا الرقم يستخدم في عدد كبير من البلدان لكي يدل على نسبة التضخم التي تهم أصحاب الدخول بصفتهم مستهلكين، فالتغيرات في الرقم القياسي لأسعار التجزئة في أي بلد تعتبر مؤشرات جدية للتغيرات في نفقة المعيشة (١)

وسوف نفترض بصفة مبدئية أن ربط الأجور بالرقم القياسي لأسعار التجزئة سيتم تلقائياً، بمعنى أنه إذا كان التغير في الرقم القياسي خلال سنة ما بنسبة ١٠ %، فإن الارتفاع في نفقة المعيشة يساوي ١٠ %، والتدهور في القيمة الحقيقية للنقود بنفس النسبة، ومن ثم يتم تعديل الأجور بصفة عامة بزيادة قدرها ١٠ %، فإذا تم التعديل تلقائياً بالطريقة المذكورة تظل الأجور الحقيقية على ما هي عليه عندما تم التعاقد على إجارة العمل.

الإطار الشرعي للعلاج:

هل هناك أساس شرعي يستند إليه العلاج المقترح؟

إن معظم مناقشات رجال الاقتصاد الإسلامي في هذا المجال تنطلق من اجتهادات فقهية سابقة بخصوص النقود والتغير في قيمتها بالغلاء أو بالرخص، ولقد أجمع الفقهاء في المذاهب المختلفة على أن المناقشات الخاصة برخص أو غلاء النقود لا تنطبق على النقود الذهبية أو الفضية الخالصة من الغش، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للنقود المسكوكة من معادن رخيصة والتي كان يطلق عليها (الفلوس) ، وكذلك بالنسبة للدراهم والدنانير (وهي في الأصل فضية أو ذهبية) التي غلب عليها الغش.

فالفلوس لها ثمنية اصطلاحية تختلف عن قيمتها الذاتية الزهيدة، فإذا رخصت الفلوس بسبب الغلاء تعرض مالكها –وكذلك الدائن وصاحب الحق المؤجل الذي قدر ماله أو حقه بالفلوس- للغبن؛ لأنه لم يعد يستطيع أن يشتري بها سلعاً أو منافع مساوية في قيمتها الحقيقية لما كان يشتريه بها قبل رخصها، وهذه النقود الاصطلاحية لا تصلح في ظل التدهور المستمر في قيمتها الحقيقية أن تؤدي وظيفتها كمستودع للثروة، كما أنها تبخس حقوق الغير إذ استخدمت لسداد ما في الذمة من قروض أو ديون أو أثمان مؤجلة، وكلما اشتدت حدة الغلاء في الأسعار اشتدت حدة التدهور في القيمة الحقيقية للنقود الاصطلاحية، وهي في الأصل ليس لها قيمة أو مالية ذاتية، فتصبح بلا معنى، وكلما طالت مدة الغلاء كلما اشتدت حدة المشكلة على الناس.


(١) انظر الملحق في آخر البحث لشرح الرقم القياسي لأسعار التجزئة، ولقد وضعت هذا الشرح بالملحق لأن المعلومات الواردة فيه معروفة لأي طالب درس مبادئ الاقتصاد، ولكن قد تهم بمعرفتها غير المتخصصين في الاقتصاد، وهي في الواقع ضرورية لهذا الموضوع محل البحث

<<  <  ج: ص:  >  >>