فبالرجوع إلى ما قاله ابن قيم الجوزية في الحقيقة هي ما يعبر عنه في التشريع الإسلامي بتحقيق المناط بمعنى أن الشريعة قررت للخطأ حكماً وقررت للعمد حكماً، ما هو الخطأ وما هو العمد؟ فما قام به ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه إنما هو تحقيق المناط، ما يعتبر خطأ وما يعتبر عمداً، فالطبيب الجاهل في إقدامه على التطبيب هو قد تعمد ضرر الناس ولذلك هو يتحمل، والطبيب العالم الذي أتقن صناعته هو إن أدى وظيفته على أتم وجه ولم يقع أي شيء، وإنما حدث شيء من تفاعلات أخرى لا مدخل له فيها، ولكن الشفاء والمرض هو بيد الله سبحانه، فهذا قطعاً لا يسأل عنه؛ لأنه ليس هناك أي خطأ وليس هناك أي شيء إنما هو كما يحدث المرض من ذاته، يحدث المرض من تولد عن مرض آخر بقدرة الله سبحانه وتعالى وبإرادته ولا مدخل للإنسان فيه.
أما الطبيب الحاذق إذا أخطأ فهو من باب الخطأ الحقيقي، فكل ما ذكره ابن قيم الجوزية إنما هو من باب تحقيق مناط الخطأ، وتحقيق مناط العمد، وما يترتب عليهما، وإذا كان عامداً فهو الذي يتحمل قطعاً الدية؛ لأن الدية إنما تقع في العمد على من قام بالعمل والتجاوز، وبينما في الخطأ هي على تفصيل بين الفقهاء متى تكون على الإنسان ومتى تكون على عاقلته؟
أثني على ما تفضل به فضيلة الشيخ عبد الله محمد من التفصيل بين المباشر والمتسبب بأن العبرة هي بقوة التأثير ومتى كانت قوة التأثير إلى المتسبب نسبت إليه، وإذا كانت قوة التأثير إلى المباشر نسبت إليه وهو كلام فقهي جيد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان:
أشارك الأساتذة الذين سبقوني في شكر الأستاذين العارضين، ولكن وقع عندي إبهام أو إشكال في عنوان سر المهنة، هو السر في المهنة أم سر المهنة؟ إضافة السر إلى المهنة، المعروف اصطلاحاً دقائق المهنة وخصائصها، هذا ما نعرفه وهذا هو الشائع، فأظن أن العنوان المفروض أن يكون (الأسرار في المهنة) أو أسرار المعالجة في الطب، وليس سر المهنة.