رابعاً: الإمام ابن القيم ذكر الرابع في هذا الباب، الرابع والخامس قال: الخامس طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها فقطع علة من رجل أو صبي أو مجنون بغير إذنه، أو إذن وليه، أو ختن صبي بغير إذن وليه فتلفه، فقال بعض أصحابنا: يضمن لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه، وأما إن أذن له البالغ لم يضمن.
هذه الأقسام واضحة وذكرها الفقهاء تفصيلاً وتحتاج للنظر فيها؛ لأنها توضح هذه الاختلافات الكبيرة في الشخص إذا كان عمل عملاً واضحاً ليس متجنياً مأذوناً له من جهة الشارع، ومأذونا ًله من جهة المريض أو ولي المريض، والخطأ الذي حدث هو مما تقرره المهنة أنه ليس خطأ منه؛ لأنه لم يتعد حدود المهنة، فهذا لا شيء عليه مطلقاً في هذا، أما إن كان جاهلاً ففي ماله هو فيعاقب عقوبة تعزيرية؛ لأنه أخل بشرط آخر وهو موافقة الشارع في هذه القضية. وشكراً.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكراً للعارضين الكريمين على العرضين اللذين سعدنا بالاستماع إليهما، وأريد أن أعقب على ذلك:
أولاً: ما جاء في بحث سعادة الدكتور الذي ابتدأ بالبحث عن كلمة المسؤولية وأنها غير موجودة لا في الفقه الإسلامي ولا في النصوص الإسلامية، أما المسؤولية كمصدر صناعي يعبر عنه مصدر صناعي، فعلاً إني ما وقفت عليها ولكن المسؤولية كمفهوم هو موجود في القرآن وموجود في الكتب القديمة، ومن ذلك في قوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات: ٢٤] هو تحقيق للمسؤولية التي هي إلى مصدر صناعي، والمصدر الصناعي إذا وجدت مادته فهو موجود معنى لا شك في ذلك.
الأمر الثاني: وما جاء من أن الخطأ الذي يعذر التحرز عنه متى قام الطبيب بعمله على الوجه الأكمل، أعتقد أن في هذا الكلام نوع من التناقض؛ نظراً إلى أنه إذا قام بعمله على الوجه الأكمل فليس هناك خطأ؛ لأن الخطأ إنما يحدث إذا لم يتم العمل على الوجه الأكمل، لكن بدون قصد؛ لأن ما يقع ما يتم من انحراف عن الوجه الأكمل تارة يكون بقصد فذلك هو العمد، وتارة يكون بدون قصد فذلك هو الخطأ، وأما إذا قام به على الوجه الأكمل كان تماماً فإنه لا يكون هناك خطأ أصلاً. فلذلك أردت التدقيق في هذه القضية، هو أنه لا يقال: الخطأ الذي يعذر التحرز عنه متى قام الطبيب بعمله على الوجه الأكمل، وهذا يؤدي بي إلى الحديث عن العقوبة التي تقع على الطبيب الذي أخل بالمهنة وبأدائها على أصولها التي يجب أن تؤدى عليها، فما ذكره فضيلة الدكتور البار، هو رجل يشهد الله أني أحبه وأقدره وأرى فيه الطبيب المسلم الذي جمع الله له بين تخصصه الطبي وبين عمقه في بحثه في الشريعة وفي وصفه الشريعة بالتفصيل، لا أريد أن أقصم ظهره ولكن هي كلمة حق، لا بد أن أنوه بهذا الرجل الذي أفادني كثيراً في ما اطلعت عليه من آثاره وكتبه ومحاضراته.