للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقه والخبرة الطبية

تثور الحاجة إلى خبرة الطبيب في أكثر من موضوع في الفقه الإسلامي، وتلك المواطن إما أن تتصل بالمرض أو الأعذار المبيحة لبعض الرخص والتيسير في العبادة.. وإما أن تتصل بالفصل في المنازعات التي تنشأ من دعاوى محلها جسم الإنسان، سواء أكان النزاع في شأن السلامة والبقاء على الفطرة وعدمها أم من قبيل ادعاء العيوب والنشاز..

ونظراً إلى أن الشريعة الإسلامية من منهجها العام في التشريع بناؤه على الأعم الأغلب، فقد ندر - في غير مجال الطب - ربط الأمور بالخبرة الفنية وحدها، بل أقيمت أكثر الأمور على حصول الأمارات الظاهرة الميسورة كما هو الحال في أوقات الصلاة ومطالع الأشهر وغيرها. أما في مجال الطب فلم يعدل عنه إلى غيره إلا في الأمور الميسور إدراكها بالتأمل أو بطول الأمد الكافي لظهور الأعراض واجتماع القرائن كما هو الحال في البلوغ وعلاماته الطبيعية.

وفي هذه الأحوال كان البديل ليس هو الشخص العادي، بل أصنافاً من ذوي الخبرة الآخذة من الطب بنصيب كالقابلة.. أو مجموعة من النساء الثقات.

ومن أهم أمثلة الحاجة إلى خبرة الطبيب في تحقيق شروط العبادة لوجود مزاولتها:

أ- التطهر لها بالوضوء والغسل - بحسب الحاجة - حيث ينتقل الواجب بحصول المرض من استعمال الماء، وهي الطهارة الحقيقية الأصلية، إلى طهارة بدلية اعتبارية هي التيمم، وقد يكون الانتقال في جزء من البدن لا في جميعه، ومثاله الإعفاء من مساس الماء للبدن، بسبب وضع جبائر حيث يستعاض عن ذلك بالمسح على الجبيرة.

ب- وصلاة المريض أحد الأبواب المعروفة في الفقه، حيث يصلي كما يطيق من قعود أو على جنب بحسب مقتضى مرضه.

جـ- والمرض أحد الأعذار التي يسقط بها وجوب الجمعة والجماعة، فيستعاض عن حضور المسجد بالصلاة في البيت. ومناط ذلك المرض تعذر الوصول إلى مكان المسجد، لما في الجسم من وهن أو في القدم من ألم.

<<  <  ج: ص:  >  >>