للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- والمرض يبيح الفطر في رمضان ليكون الصوم في أيام أخر هي أيام الشفاء والعافية.. إلا إذا كان المرض مما لا يرجى شفاؤه فينتقل الواجب من الصوم إلى (الفدية) التصدق بطعام مسكين.. ولا يخفى أن الحكم بالمرض أصلاً أو بكونه مزمناً هو مهمة الطبيب دون غيره.

هـ- ومرض الموت له شأن آخر ليس ذاك المرض الميؤوس من شفائه فقط، بل هو الذي يزداد أثره حتى ينتهي بالوفاة، وله أحكام فقهية مفصلة بشأن التصرفات، ولا سيما الهبة والإقرار والطلاق.. والذي يقرر أن المرض من هذا القبيل هو الطبيب.. على أنه ليس من إعطاء الخبرة حقها في الدقة أن يطلق العنان للمرض مهما كان نوعه ومقداره لتستباح به الرخص ويعفى به عن الشروط؛ ولذا كان المرض عند الفقهاء أنواعاً لكل منها اعتباره.

وأكتفي بالإشارة إلى اختلاف الرأي في اكتفاء بعضهم بخوف زيادة المرض أو امتداد زمنه، واشتراط بعضهم خوف الهلاك أو فوات العضو، (١) على أن بعض الفقهاء اكتفى للاستفادة من الرخصة الشرعية بأن يكون في استعمالها (كالفطر في الصوم مثلاً) الظن بحصول الصحة وبعضهم اشترط اليقين. وفي هذه المعايير المختلفة دلالة واضحة على الدقة في تقدير الأمور والحاجة الماسة إلى الخبرة الفنية.. ويتأكد هذا المبدأ من استعراض نماذج من أشهر مجالات الرجوع للخبرة الطبية فيما يلي:

أ- ففي موضوع الزواج وثبوت المهر كاملاً بالدخول أو الخلوة لا يعتد بالخلوة؛ ما لم تكن الموانع زائلة، فالمرض أحد تلك الموانع لكنه (المرض الذي يمنع المعاشرة أو يلحقه به ضرر..) . (٢)

ب- والأمراض الجنسية التي تمنح بها المرأة حق الفرقة عن الزوج هي العنة والجب والخصاء، لكن المجبوب لا يتريث في اعتباره، أما العنين والخصي فيؤجل معهما الزوج سنة لتمر به الفصول الأربعة ويتبين هل ما به علة معترضة أم آفة أصلية.

جـ- وكذلك المرجع للخبرة الطبية في عيوب الزواج المستوجبة للخيار (وهي بالنسبة لما يوجد في الزوج مغتفرة عند بعض الفقهاء لوجود الطلاق الذي يتمكن به الزوج من مفارقة الزوجة المصابة.. ويمنحه بعضهم حق الخيار) وتنحصر تلك العيوب في ثلاثة عامة (الجذام، والبرص، والجنون) وقد عمم بعضهم أثرها ليشمل حالة إصابة الزوج بها.. وعيبين نسائيين هما الرتق: التصاق يمنع من المعاشرة الجنسية. والقرن: حائل عظمي أو لحمي يمنع من المعاشرة.


(١) الهداية ١/١٢٦
(٢) الهداية ١/٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>