للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظرة الشرعية للطب:

لا بد من إلقاء هذه النظرة قبل الحديث عن فقه الطبيب وآدابه، ثم أنتقل لبيان الخصال التي أوجبت الشريعة الإسلامية على ممارس الطب المعرفة بها؛ لأنها من الأمور المتصلة بصميم عمله. وهي مما يختص بالقيام به غالباً، كما يشمل آثار تصرفاته في الأحوال العادية أو الطارئة؛ إذ من المقرر أنه يجب على المسلم – بالإضافة إلى معرفة الأحكام العامة في حق الجميع كالعبادة- اكتساب المعرفة بما يخصه في عمله لتكون تصرفاته موافقة للشرع، وليكون كسبه حلالاً.

ولعل أول ما يتعرض له الفقهاء في هذا المجال حكم (التداوي) ، ويستتبع ذلك تعرضهم لحكم (التطبيب) .. ولا يخفى أن الحديث عن هذين كان لهما قديماً ما يبرره إزاء مواقف بعض المتصوفة أو الزهاد الذين توهموا أن الإقدام على التداوي يخالف التوكل.. وقد اعتبرت هذه المواقف من باب التنطع بعدما ثبت تداوي النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً، والأمر لغيره بالتداوي والمداواة.

ويستوقف النظر في المراجع التي تناولت هذه القضية حرص الفقهاء على اعتبار (مهنة التطبيب) إحدى فروض الكفاية (١) بمعنى أنه إذا لم يوجد من ينهض بها أثم المسلمون كلهم، وإن القيام بها من البعض يسقط الإثم عن البقية، ويكون الأجر خاصاً بمن يقوم بذلك ... ويظهر أثر هذا الاتجاه حين الموازنة بمحاربة الطب من خلال شن الحملة عليه من قبل محتكري الوصاية على الأديان والعقول قبل الإسلام، بل بعده أيضاً في حقبة القرون الوسطى عند الغربيين.


(١) معالم القربة لابن الأخوة ص (١٦٥-١٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>