للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم كون العربون مبلغًا مستقلا عن ثمن السلعة:

نظرًا إلى أن العربون في مقابلة حبس السلعة والامتناع عن عرضها لقاء الالتزام ببيعها على دافع العربون، فلا يظهر لي مانع من اعتبار العربون مبلغًا مستقلاً عن ثمن السلعة حتى لو كان العربون عينًا، إلا أنه في حال اختيار إمضاء البيع فيجب أن يحتسب هذا المبلغ من الثمن، وفي حال كونه جنسًا غير جنس الثمن فيجب أن يُقَوَّمَ – أي جنس الثمن – حتى يُعرفَ مقداره ويحسب من ثمن المبيع، أما إذا اختار دافع العربون الرد فإن العربون من حق المدفوع إليه سواء أكان مبلغًا من الثمن من جنس ثمن المبيع أو كان من غير جنسه أو كان عينًا.

حكم العربون في الخدمات:

سبق إيراد ما في موطأ مالك من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حيث قال الإمام مالك بعد روايته الحديث لتصوير بيع العربون ما نصه: "وذلك فيما نرى والله أعلم أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه: أعطيك دينارًا أو درهمًا أو أكثر أو أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك من ثمن السلعة أو كراء الدابة، وإن تركت ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطيتك لك. اهـ.

فهذا الإمام مالك رحمه الله يفسر العربون بأنه دفعة أولى في الشراء أو الإيجار في حال تمام البيع، وفي حال العدول عن الشراء أو الكراء يكون العربون للبائع أو المؤجر. فالإمام مالك رحمه الله وإن كان يرى بطلان بيع العربون إلا أنه يراه جاريًا في الإجارة كما يراه جاريًا في البيع.

ولا يخفى أن بيع العين أو إجارتها بيع في كلا العقدين فواحدهما بيع عين أو بيع منفعة وفي كل منهما معنى بيع العربون وهذا يعني جواز العربون في الخدمات كجوازه في بيوع الأعيان بقول الدسوقي في حاشيته على الدردير ما نصه: بيع العربان يجري في البيع والإجارة لا في البيع فقط. اهـ (١) .

ويقول الخرشي ما نصه: ومثل البيع والإجارة، فلا فرق بين الذوات والمنافع. اهـ (٢) .

حكم العربون في شراء الأسهم:

لا يخفى أن السهم في الشركات المساهمة حصة مشاعة في شركة ذات حصص محدودة وأن ملكية هذا السهم تعني امتلاك مقدار هذا السهم في الشركة، فإذا كانت الشركة من الشركات المباح نشاطها وأصل وجودها، فتداول أسهمها بالبيع والشراء جائز، وكل شيء يجوز بيعه حالاً ومؤجلاً؛ فإن العربون في شرائه أو بيعه جائز. والعلم عند الله تعالى.


(١) حاشية الدسوقي على الدردير: ٣ /٦٣.
(٢) الخرشي: ٥ /٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>