المرابحة هي أن يبيع الرجل على آخر سلعة بربح مقداره نسبة معينة من كامل قيمتها مع قيمتها الشرائية أو بقيمتها الشرائية وبزيادة مبلغ معين، ولا شك أن معنى العربون متحقق في هذا النوع من البيوع، وبناء على ذلك فلا يظهر مانع من اعتباره وجواز البيع به. والله أعلم.
حكم المواعدة على الشراء وأخذ العربون لذلك:
من المعلوم أن العربون دفعة أولى من ثمن المبيع في حال اختيار إمضاء البيع وهو تعويض عن ضرر واقع أو محتمل الوقوع في حال العدول عن الشراء، وأنه لا يكون إلا في عقد بيع أو إجارة استكملت فيه شروطه وأركانه. والمواعدة على البيع والشراء لا تعتبر بيعًا ولا شراء، وإنما هي وعد من كل من البائع والمشتري بذلك، والمبيع عند المواعد بالبيع لا يزال في ملكه وتحت تصرفه، وتصرفه فيه نافذ قبل الوعد وبعده سواء كان ذلك بيعًا أو هبة أو وقفًا أو غير ذلك من التصرفات المعتبرة. ولكن يبقى على الواعد بالبيع موجب الإخلال بالالتزام بالوعد بالبيع، وهذا يقتضي منه الاحتياط لهذا الالتزام بحجب السلعة عن عرضها لقاء الالتزام بالوعد ببيعها على من التزم له ببيعها عليه؛ وهذا المعنى هو معنى العربون.
ونظرًا إلى أن العربون لا يكون إلا في عقد بيع وهو دفعة أولى من الثمن في حال اختيار إمضاء البيع فلا يظهر لنا وجاهة القول بجواز العربون في المواعدة على الشراء وهذا لا يعني القول بعدم جواز أن يدفع الواعد للموعود له بالشراء شيئًا من المال لقاء الوفاء بالوعد ببيع السلعة عليه، ولكننا لا نسمي هذا المال عربونًا، ويمكن أن يكون من الشروط الجزائية، وهو خاضع للاتفاق بين المتواعدين إن اتفقا على أن يكون جزءًا من الثمن في حال الشراء؛ لزم الاتفاق ونفذ.
وإن اتفقا على استحقاقه للموعود له دون اعتباره جزءًا من الثمن في حال الشراء فهما على ما اتفقا عليه؛ إذ المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا.
هذا ما تيسر إيراده وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.