وقولهم: بأن المشتري شرط للبائع شيئًا بغير عوض غير صحيح، فالبائع حبس السلعة عن عرضها للشراء وحرم من فرص بيعها بما قد يكون أكثر غبطة ومصلحة فالعربون عوض هذا الحرمان.
وقولهم: هو بمنزلة الخيار المجهول، هذا صحيح إذا خلا بيع العربون من خيار محدد بوقت معين أما إذا كان الخيار في بيع العربون معينًا بمدة محدودة فليس بمنزلة الخيار المجهول، وحينما نقول بصحة بيع العربون نشترط أن يكون الخيار في الرد أو الإمساك في مدة معلومة.
وقولهم: لمخالفته القياس، هذا القول مسلم به لو كان العربون في غير مقابله عوض، ولكننا نرى أن العربون في مقابله عوض هو الانتظار بحبس السلعة وحجبها عن الرغبة في شرائها وذلك لصالح مشتريها، وفي مقابله ما دفعه عربونًا للانتظار بها حتى يقرر ما يراه إمضاءً أو ردًّا.
وأما الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب فقد تكرر نقل أقوال أهل العلم في رده وأنه ليس بشيء، وأما القول بأن طرقه وإن كانت لا تسلم من مقال إلا أن بعضها يقوي بعضًا، هذا القول فيه نظر، فالضعيف لا يقوي ضعيفًا ولا تستقيم بالضعفاء قوة.
وللدكتور السنهوري إجابة عن حجج القائلين ببطلان بيع العربون يحسن به إيرادها إكمالاً للفائدة وتأكيدًا لإجابتنا عن هذه الحجج. فقد ذكر ما ذكره ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني عما يتعلق بمسألة بيع العربون، ثم عقب على ذلك بقوله:
أولاً: إن الذين يقولون ببطلان بيع العربون يستندون في ذلك إلى حديث النبي عليه السلام الذي ((نهى عن بيع العربون)) ، ولأن العربون اشترط للبائع بغير عوض، وهذا شرط فاسد لأنه بمنزلة الخيار المجهول إذا اشترط المشتري خيار الرجوع في البيع من غير ذكر مدة كما يقول: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهمًا.
ثانيًا: إن أحمد يجيز بيع العربون، ويستند في ذلك إلى الخبر المروي عن عمر – وضَعَّفَ الحديث المروي في النهي عن بيع العربون – وإلى القياس على صورة متفق على صحتها، هي أنه لا بأس إذا كره المشتري السلعة أن يردها ويرد معها شيئًا قال أحمد: هذا في معناه.