للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما دليل القائلين بالمنع من النقل فهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد تقدم إيراد ما ذكره أهل العلم في رده؛ ومنهم الإمام أحمد رحمه الله في رواية الأثرم فقد قيل له: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العربان)) ، فقال: ليس بشيء. وهذا يعني أن دليلهم النقلي لا يصح الاحتجاج به وليس لهم دليل نقلي غيره.

أما دليلهم العقلي فيمكن مناقشته بما يعطي القناعة بسقوطه وعدم اعتباره. فهم يقولون بأن بيع العربون يشتمل على المحاذير الآتية:

أولاً: هو من قبيل أكل أموال الناس بالباطل.

ثانيًا: ما فيه من الغرر الموجب لبطلانه.

ثالثًا: ما فيه من شرط شيء للبائع بغير عوض في حال الرد.

رابعًا: هو بمنزلة الخيار المجهول.

خامسًا: لمخالفته القياس.

سادسًا: ((ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عنه)) وإن كانت طرقه كلها لا تخلو من مقال إلا أن بعضها يقوي بعضًا كما ذكر الشوكاني في نيل الأوطار (١) .

فقولهم: بأن العربون من أكل أموال الناس بالباطل غير صحيح، فالعربون ثمن حبس السلعة وعوض عن حرمان صاحبها من فرص عرضها للبيع لتحصيل بيع ناجز، وقد يكون بسعر أفضل. وقد ذكر هذا المعنى الدكتور عبد الرزاق السنهوري في كتابه مصادر الحق فقال: فالعربون لم يشترط للبائع بغير عوض، إذ العوض هو الانتظار بالبيع وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري وتفويت فرصة البيع من شخص آخر لمدة معلومة. اهـ.

وقولهم: بأن فيه غررًا موجبًا لبطلانه قول غير صحيح، فقدر العربون معروف، ولا بد لاعتباره من مدة معينة تعطي دافع العربون مهلة ليختار أثناءها إمضاء العقد أو الرد. نعم لو كانت مدة الخيار مجهولة لتصور الغرر في ذلك ولكننا نشترط لصحة بيع العربون أن تكون المدة معلومة.


(١) موطأ مالك: شروح مختصر خليل؛ المغني لابن قدامة؛ الموسوعة الفقهية الكويتية؛ نيل الأوطار؛ سبل السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>