للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد (الجزء الرابع) ما نصه: وقال في رواية الميموني: لا بأس بالعربون، وفي رواية الأثرم وقد قيل له: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العربان)) فقال: ليس بشيء، واحتج أحمد بما روى نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا، قال الأثرم: فقلت لأحمد: فقد يقال هذا؟ قال: أي شيء أقول هذا عمر رضي الله عنه. اهـ.

وقد احتج القائلون ببطلان بيع العربون بحديث عمرو بن شعيب، وقد تقدم نقله من الموطأ وأورده المجد في المنتقى وقال عنه الشوكاني في نيل الأوطار ما نصه: الحديث منقطع لأنه من رواية مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب ولم يدركه فبينهما راوٍ لم يسم، وسماه ابن ماجه فقال: هو مالك عن عبد الله بن عامر الأسلمي، وعبد الله لا يحتج بحديثه، وفي إسناد ابن ماجه هذا أيضا حبيب كاتب الإمام مالك وهو ضعيف لا يحتج به، وقد قيل: إن الرجل الذي لم يسم هو ابن لهيعة، ذكر ذلك ابن عدي وهو أيضا ضعيف، ورواه الدارقطني والخطيب عن مالك عن عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب وفي إسنادهما الهيثم بن اليمان وقد ضعفه الأزدي. اهـ (١) .

وقال الصنعاني في كتابه سبل السلام بعد ذكره حديث عمرو بن شعيب ما نصه: وأخرجه أبو داود وابن ماجه وفيه راوٍ لم يسم وسمي في رواية فإذا هو ضعيف وله طرق لا تخلو من مقال. وروي عن عمر وابنه وأحمد جوازه. اهـ (٢) .

وقال ابن الأثير نقلاً عن تاج العروس: وحديث النهي منقطع. وقال الإمام أحمد في رواية الأثرم وقد قيل له: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان فقال: ليس بشيء.)) ويظهر والله أعلم رجحان القول بصحة بيع العربون للأثر والمعنى وانتفاء الدليل على المنع وإمكان الإجابة عن حجج القائلين ببطلانه.

أما الأثر ففي نيل الأوطار للشوكاني قال: وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن أسلم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العربان في البيع فأجازه، قال: وهو مرسل وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف. اهـ (٣) .

وفي المغني النص المتقدم عن الإمام أحمد في إجازته بيع العربون قال: قال أحمد: لا بأس به وفعله عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أجازه. وقال ابن سيرين: لا بأس به. وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين: لا بأس إذا كره السلعة يردها ويرد معها شيئًا، وقال أحمد هذا في معناه. اهـ.

وأما المعنى فإن مالك السلعة قد حبسها عن عرضها للبيع، وحُرِمَ فرصة بيعها بعقد ناجز وبسعر قد يكون أفضل مما باعها به بطريق بيع العربون، وفي هذا ضرر محقق على البائع أو محتمل، وقد أشار إلى هذا المعنى الدكتور عبد الرزاق السنهوري في كتابه (مصادر الحق) فقال: فالعربون لم يشترط للبائع بغير عوض، إذ العوض هو الارتباط والانتظار بالبيع وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري وتفويت فرصة البيع من شخص آخر لمدة معلومة. اهـ (٤) .


(١) نيل الأوطار للشوكاني ٥ /٦٢-١٦٣.
(٢) سبل السلام للصنعاني ٢ /٣٣٤.
(٣) نيل الأوطار للشوكاني ٥ /١٦٢.
(٤) مصادر الحق: ٢ /١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>