للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة في المغني في معرض ذكر علة القول ببطلان بيع العربون لدى القائلين به: لأنه شرط للبائع شيئًا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه لأجنبي، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهم. اهـ (١) .

ونظرًا إلى أن أكثر أقوال أهل العلم في القول ببطلانه هم فقهاء المالكية، وغيرهم من فقهاء الحنفية والشافعية يتفقون معهم في منعه والقول ببطلانه، فقد يكون إيراد النصوص الفقهية عن المالكية مغنيًا عن إيراد النصوص عن غيرهم في معنى المنع والقول بالبطلان.

فقد ذكر الدكتور عبد الرزاق السنهوري في كتابه "مصادر الحق" مجموعة من النقول عن مجموعة من فقهاء المالكية أنقلها وأدعو الله لجامعها بالمغفرة والرحمة:

جاء في القوانين الفقهية لابن جزي ما نصه: النوع الثالث من البيوعات الفاسدة بيع العربان وهو ممنوع إن كان على ألا يَرُدَّ البائع العربان إلى المشتري إذا لم يتم البيع بينهما فإن كان على أن يرده إليه إذا لم يتم البيع فهو جائز. اهـ (٢) .

وجاء في الحطاب ما نصه: وكبيع العربان أن يعطيه شيئًا على أنه إن كره البيع لم يُعِدْ إليه. وفسره مالك في موطئه: بإعطاء البائع أو المشتري درهمًا أو دينارًا على أنه إن أخذ البيع فهو من الثمن وإلا بقي للبائع. أبو عمر: ما فسره به مالك عليه فقهاء الأمصار لأنه غرر وأكل مال بالباطل. قال مالك: وأما من اشترى شيئًا وأعطى عربانًا على أنه إن رضيه أخذه وإن سخطه رده وأخذ عربانه فلا بأس به ... قال ابن الحاجب: ومنه بيع العربان وهو أن يعطي شيئًا على أنه إن كره البيع أو الإجارة لم يُعدْ إليه؛ قال في التوضيح: فإن فاتت مضت بالقيمة. اهـ (٣) .

وجاء في الخرشي ما نصه: ((وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن بيع العربان)) ، وهو أن يشتري السلعة بثمن، على أن المشتري يعطي البائع أو غيره شيئًا من الثمن على أن المشتري إن كره البيع لم يُعِدْ إليه ما دفعه، وإن أحب البيع حاسبه به من الثمن لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وغرر ... ومثل البيع الإجارة فلا فرق بين الذوات والمنافع. اهـ (٤) .

وجاء في الشرح الكبير للدردير ما نصه: وكبيع العربان اسم مفرد ويقال: أربان بضم أول كلٍّ، وعربون وأربون بضم أولهما وفتحه وهو أن يشتري أو يكتري السلعة ويعطيه – أي يعطي المشتري البائع – شيئًا من الثمن على أنه – أي المشتري – إن كره البيع لم يعد إليه ما أعطاه، وإن أحبه حاسبه به من الثمن أو تركه مجانًا؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل. اهـ (٥)


(١) المغني: ٤ /٥٨.
(٢) القوانين الفقهية لابن جزي ص ٢٥٨- ٢٥٩.
(٣) الحطاب: ٤ /٣٦٩-٣٧٠.
(٤) الخرشي: ٢ /٧٨.
(٥) الشرح الكبير للدردير: ٣ / ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>