للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل محمد سعيد الباني في عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق: "إن المعتمد عند الشافعية والحنفية والحنابلة عدم جواز التلفيق، لا في العبادة ولا في غيرها، وأن القول بجوازها ضعيف جدًّا، حتى حكى ابن حجر وغيره أنه خلاف الإجماع " وعقب على ذلك فقال: "وأراد بالإجماع اتفاق الأكثر" لكن محمد بن عرفة الدسوقي قال: إن للمالكية طريقتين في التلفيق في العبادة الواحدة، إحداهما طريقة للمصريين، والأخرى للمغاربة ورجحت.

هذا ملخص ما قلت في الموضوع، وهو موجود، إذن نحن الآن إما أن نتبع المذاهب أو نجتهد، إذا كنا تتبع المذاهب فأكثر المذاهب بل جمهور المذاهب وجمهور أقوالهم على منع التلفيق، وكذلك تتبع الرخص، لكن يبدو أن تتبع الرخص أخف من التلفيق، لأن بعض الذين منعوا تتبع الرخص قيدوه بما إذا لم يكن فيه تلفيق، أما التلفيق فيكادون يجمعون، غير ما ذكر ابن عرفة الدسوقي في العبادة أو بعض آخرون، إذن رأيي أن تتبع الرخص وكذلك التلفيق لا يجوز إلا لضرورة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

الشيخ الطيب سلامة:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أشكر جميع الأخوة الذين سبقونى بإبداء ملاحظاتهم حيال الموضوع، ولي بعض الملاحظات أرجو أن تتسع صدوركم لسماعها، من هذه الملاحظات أن موضوع الرخص كما اقترحته الأمانة العامة علينا مشكورة، من قيام الجميع بالكتابة فيما سمي بموضوع الرخص، وأنا شخصيًّا تتبعت الموضوع كما وضعته الأمانة عنصرًا عنصرًا وتكلمت فيه، ولم أعتقد أني خرجت إلا فيما وضعته من مدخل سميته: مدخل لتأصيل الرخصة في الشريعة الإسلامية وقصدت بهذا ما رأيته بعيني رأسي وما عشته، حتى بين العلماء الجامعيين، من قضية عدم الاعتداد بالرخصة في الشريعة الإسلامية، لو تأملنا اليوم في عالمنا على نطاق الرخصة والترخص والنظر إلى هذا الموضوع من خلال الشريعة الإسلامية لوجدنا الناس منقسمين إلى قسمين متباعدين، قسم منهم هو الذي يشدد على نفسه في الأخذ بالرخصة وكأن الرخصة ليست من الدين، وهذا ما عشته مع أحد الزملاء الجامعيين، كنا في يوم من الأيام في مؤسسة دولية لبعض الواجبات فحان وقت العصر وكاد يخرج وقته ولم نصل الظهر والعصر، كنت أنا على وضوء، وقلت له: نصلي، قال: أنا على غير وضوء، فقلت له: حل المشكل بيدك فتيمم، فقال: الماء موجود، فقلت: إذن توضأ، فقال: كيف أتوضأ وهذا الماء ملك للمؤسسة، لا أقدر على استعماله؛ هذه صورة لمشكل الرخص وهو قائم، الرخصة بالمعنى الشرعي، وهي الرخصة التي ينتقل فيها من حكم العزيمة مع بقاء حكم العزيمة قائم حتى يقدر للرخصة مقدار الضرورة ثم يعود للعزيمة، هذه هي الرخصة الشرعية الحقيقية هذه الرخصة نفسها محل الأخذ في حين نجد من المسلمين في عدة أقطار إسلامية أنهم يستعملون الرخص بتساهل كبير إلى درجة أن ربقة التكليف قد انحلت عندهم ويحتمون بكلمة: "دين الله يسر".

<<  <  ج: ص:  >  >>