للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك كما تبين من الأبحاث موضوعان: أحدهما: الرخص الشرعية، والثاني: الرخص الفقهية أو المذهبية، أما الرخص الشرعية فلا حرج في الأخذ بها بل هناك تحبيب لذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يجب أن تأتى عزائمه)) وإن كانت العزائم تزيد في تزكية النفس وفي تحصيل التدين الكامل ومن هنا وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء بنقص الدين لقلة فرص التعبد بسبب ما يطرأ عليهن من أعذار، أم الرخص الفقهية فأريد أن أبين فيها نظرة أظنها إن شاء الله صائبة وهي أن الحكم على أمر بأنه رخصة فقهية أمر نسبي بالنسبة للأئمة المجتهدين، فإذا ذهب معظم المجتهدين إلى تحريم أمر وذهب بعضهم إلى القول بجوازه فإن هذا يعتبر ترخيصًا أو قولاً بأن فيه رخصة، فإذا كان المنفرد عن المجتهدين واحدا ولن يقبل قوله بل رد عليه وشذذ فحينئذ تندرج هذه المسألة في شواذ العلماء، وليس كل خلاف صح معتبرًا إلا خلافا له حظ من النظر وإلا خلافًا إذا كان القائل بالإباحة وبالحل لم يرد عليه ولم يشذذ، فهذا يكون رخصة ويكون ترخيصًا، ويدل على هذا قول الإمام سفيان الثوري: إنما الفقه. الرخصة عن ثبت وأما التشديد فيحسنه كل أحد، أفأعتبر ما يرد عن قول فقيه عدل مقبول؟ القبول رخصة لأنه قال بأن شيئًا من الأمور هو جائز، حين قال غيره بتحريمه، فالرخص الفقهية أمر نسبي بالنسبة للأئمة بحسب اندراج هذا القول في الجواز أو في المنع، والأخذ بالرخص الفقهية إذا كان للأفراد فإنه سائع في حال المشقة لأن المشقة تجلب التيسير، وأما في حال الجماعة فإن الأمر يحتاج إلى ضبط وتنظيم، ويقوم بهذا الإمام والحاكم الذي به وبتصرفاته تناط المصلحة. فإذا وجد المصلحة في الأخذ ببعض هذه الرخص، لأن فيه صلاح عام للناس فذلك له، وليست مراعاة المصلحة دائمًا بالأخذ بما فيه جواز أو حل أو إباحة فقد يكون بالمنع والحظر كما فعل الخليفة الثاني حين أمضى. الطلقات الثلاث ثلاثًا على قائليها لأنه وجد في ذلك المصلحة، فمراعاة المصلحة هي الضابط في الأخذ بالرخص في مجال الجماعة، وأما في مجال الأفراد فهو دفع المشقة ودفع الحرج والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>