الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أنا أميل إلى تقسيم الرخص إلى قسمين فقط، ولا أرى حاجة إلى التقسيمات الكثيرة التي وردت في بعض البحوث، من الرخص ما مرجعه إلى أصل كلي ودليل، وهذه في الحقيقة حكمها حكم العزيمة وهذه الرخص بالتتبع لها حسب ما وردت في الأبحاث هي الرخص الشرعية كالفطر خوف الهلاك، المرض الذي يعجز المكلف عن أداء الصلوات بشكلها الأكمل، ومن أجل هذا قرر الفقهاء وجوب العمل بالرخصة عند الاضطرار وإن لم يكن فإنه يأثم؛ فهذه في الحقيقة ليست رخصة وإنما هي عزيمة كما ذكر البعض هذا النوع هو من الرخص التي تكون في مقابل المشقة التي لا قدرة للمكلف على الصبر عليها بحكم الطبع والعادة.
النوع الثاني: هو الرخص التي للمكلف قدرة على الصبر عليها وتحملها؛ لكن هل المكلف مخير بين هذين أو هاتين الرخصتين بين الأخذ وعدم الأخذ؟ يرجح عندي الثاني وهو الأخذ بالعزيمة، الذي نراه أن الأخذ بالرخصة على الإطلاق كما هو مفهوم في بعض الأبحاث لا يجوز المصير إليه لأنه في الحقيقة يؤدي إلى مفاسد عديدة.
وكما قال الشيخ علي: الناس اليوم لا يحتاجون من يفتح لهم باب الرخص فإن كثيرا منهم يتفلتون من العزائم ويتصيدون الحجج الواهية، فكيف الحال إذا فتح لهم باب الرخص على مصارعه؟ وليس معنى هذا سد باب الرخص والتيسير، فإن الرخص المبنية على الدليل مطلوب الأخذ بها، بل الأخذ بها أفضل من الأخذ بالعزيمة إذا وجدت الحاجة، وقد يكون الأخذ واجبًا إذا كان هناك ضرورة، ولا شك أن التيسير في ذات الوقت من مبادئ ديننا وشريعتنا لقوله تبارك وتعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] وقوله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] . وينبغي حقيقة في تقديري حصر الرخص في هذا ففيما ورد فيه النص تحصر في ذلك، أما ما كان مبنيًّا على الاجتهاد فينبغي تضييق مجاله ولا يكون إلا لحالات خاصة وظروف خاصة لأن الرخص إنما شرعت بناء على أعذار وظروف وأحوال المكلفين.