فالذي يتلخص في نظري أنه يجوز الأخذ بالمذهب الفقهي الآخر في حالات ثلاث؛ الأولى: إذا كان الراجح من حيث الدليل هو ذلك المذهب في نظر ذلك الفقيه فحينئذ يجب عليه أن يأخذ به. والثانية: أن تكون هناك حاجة أو ضرورة اجتماعية داعية للأخذ بذلك المذهب، ووقع المسلمون في الأمة الإسلامية في حرج شديد فحينئذ يأخذون بمذهب أيسر وأهون عليهم فهذا مما لاشك في جوازه. الثالثة: هو أن يقع الإنسان شخصيا في عذر شخصي ويأخذ بالرخصة الشرعية من المذهب الآخر فهذا أيضا مما لا حرج فيه، أما أن يكون الإنسان يتتبع الرخص من حيث إنه يلتقط الرخص من المذاهب لتكون الحياة عليه أيسر أو ليتبع هواه؛ فهذا مما قال فيه الإمام الأوزاعي رحمه الله: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، فلو التقطنا مثلاً مذهب ابن عمر رضي الله تعالى عنه في الصرف وأخذنا مذهب بعض أهل مكة في الإتيان في الدبر ومذهب فلان في مسألة الصورة ومذهب فلان في مسألة أخرى فهذا يعنى ربما يجعل الإسلام لعبة بأيدي المتطفلين، فهذا مما يجب أن نحذر منه.
وفيما ذكره الدكتور وهبه حفظه الله تعالى مجهولاً عن كثير من البحث، ولكنه ذكر أن الراجح عند الحنفية أنه يجوز عند تتبع الرخص من المذاهب، وهذا لا أعتقد أن الحنفية رجحوا هذا القول ولكن ما ذكره في آخر القرار بأنه تتبع الرخص عمدًا من حيث اتباع الهوى فهذا لا يجوز، فهذا مما أثبته وأثنى عليه، ولكن عبارته في مقدمة بحثه مما قد يوحي إلى أن الإنسان يجوز أن يلتقط الرخص من شتى المذاهب مع قطع النظر على الدليل ومع قطع النظر عن الحاجة فهذا مما ينبغي أن نبعد الاحتمال، وأقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم، وشكرًا.
الشيخ عبد الله محمد:
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرًا سعادة الرئيس، اسمي الصحيح عبد الله محمد وفي الواقع الدكتور العارض الدكتور الشيخ الزحيلي وفى الموضوع حقه، لأنني قلت كلمة أخيرة وهي التي اختتمت بها بحثي وهي أن فائدة الرخص والتلفيق ترجع في زمننا الحاضر إلى ما استقر عليه العمل في مختلف البلاد الإسلامية وهي وضع قوانين تعالج موضوعات مختلفة كالقانون المدني، والقانون الجزائي، والقانون التجاري، وهكذا ففائدة البحث ترجع إلى هذه المسألة وإلا فالبحث الفقهي أو الأصولي لن نأتي بجديد فيه، فكل البحوث تقريبًا تلتقي حول المسائل المقررة في كتب الأصول، إنما الجديد في الموضوع هو في هذه الناحية من صياغة القوانين، وموقف علماء المسلمين من هذه الخطوة التي اتخذتها الآن كل البلاد تقريبًا لأنني وجدت في كثير من بعض البلاد الخليجية من يعارض وضع قوانين لأن فيها إلزامًا للقضاة والأصل في القاضي أن يكون مجتهدًا ولا يخضع لرأي أحد، هذه المسألة في الواقع تحتاج إلى كثير من النقاش حتى تستقر الأمور، وجدت في الواقع أنه سبقني إلى هذه الفكرة الشيخ أحمد فرج السنهوري رحمه الله في بحث تقدم به إلى مجمع البحوث، وأنا ما وجدت البحث إنما وجت ملتقطات أو متفرقات نشرت في مجلة الأزهر، وأشرت إلى العديد منها، فقسم الموضوع إلى ثلاثة أقسام: أي الاجتهاد: التلفيق في الاجتهاد والتلفيق في التقليد، والتلفيق في التشريع، ونختصر على الموضوع الأخير وهو التلفيق في التشريع بمعنى أن يتخير ولي الأمر من أقوال مختلف المذاهب لصياغة قانون موحد، كقانون الأحوال الشخصية أو القانون المدني أو القانون التجاري أو القانون الجزائي. ما موقف العلماء من هذه المسألة أو ما موقف الفقه الإسلامي أو الشريعة الإسلامية من هذه المسألة؟