للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أي حال إذن يجب أن نحقق إمكان التلفيق. التلفيق لا يتم إلا من قبل المجتهد تمت عليه الحجة، هو عليه أن يستنبط، المقلد والعامي وغير المجتهد هو الذي يطرح في حقه إن كان التلفيق بين الفتاوى فهل يمكن التلفيق أم لا؟ قلت في بحثي إن هذا يتوقف على مسألة خلافية بين العلماء وهي هل يجب تقليد الأعلم إذا كان هناك أعلم وعالم وكانا مختلفين في الفتوى؟. هل يجب علينا اتباع الأعلم أو أنهما معًا طريقان إلى الحكم الشرعي السائد، لدى الفقه الإمامي هو اتباع الأعلم ولذلك مسألة التلفيق والتبعيض غير معروفة لديهم إلا إذا تصورنا أن هناك رجلين في القمة من العلم متساويان، أما بعد بحثي أن اشتراط الأعلمية غير تام رغم أن هذا يخالف مشهور العلماء لدينا، ورغم أن هذا هو رأي مجمع فقه أهل البيت لكن ما توصلت إليه لا يجب أن يكون المقلد أعلم، وحينئذ ينفتح باب التلفيق على مصراعيه بشكل واضح، الذين يؤمنون بأن الآراء الاجتهادية كلها طرق إلى الحقيقة الواحدة وهي الحكم الشرعي وهي طرق مشروعة فإن أمام العامي طرق عديدة يمكنه أن يسلك أيًا منها للوصول إلى الحكم الشرعي باعتبار التزامها بالقوانين أو الضوابط والملاحظات المطروحة للاجتهاد والمذاهب هكذا ما دامت كذلك فهي طرق لنا إلى الواقع الشرعي وحينئذ إذا أمكن التلفيق يمكن اتباع الرخص، رخص المذاهب، وأود أن أؤكد أن التلفيق غير اتباع الرخص فالتلفيق عام قد يتبع الإنسان حكمين إلزاميين لأنهما منسجمان مع بعضيهما، أما اتباع الرخص فهو اتباع الحكم الأسهل والأكثر والأقل إلزامًا للمكلف.

وحينئذ سيدي الرئيس أعتقد أن محور البحث هو هذا، يعني دعنا نترك أقسام الرخصة رغم أنها مفيدة، كل التركيز على مسألة اتباع الرخص، ومسألة اتباع الرخص متوقف على مسألة التلفيق بكلا المعنيين، وقد ناقشت هذا المعنى، ومسألة التلفيق متوقفة على رفض اشتراط الأعلمية إذا اختلف الأعلم مع العالم في موضوع ما، وبعد أن حققت هذا المعنى رأيت من الممكن التلفيق وكذلك من الممكن اتباع الرخص على ضوء التلفيق إلا أن هناك موانع دفعت العلماء للوقوف في وجه اتباع الرخص. منها ما يستعمل أحيانا للهوى ومما يؤدي إلى مخالفة جزمية قطعية للحكم الشرعي، وإذا أدى هذا العمل إلى مخالفة قطعية فكل الطرق إليه منعت، ومنها ما قد يؤدي أحيانا إلى التساهل في أمر الدين إذا تجاوزنا هذه الحالات، ودعنا من عبث الشعراء وما يطرحونه في أشعارهم ورأينا المسألة بحالتها الطبيعية دونما هوى ودونما هجوم فلا مانع من تتبع رخص المذاهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>