للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: لا مانع من تتبع رخص المذاهب الشرعية للأخذ بالأهون والأيسر والأخف للضرورة والحاجة دون قصد تتبع الرخص عمدًا من غير مسوغ أو بقصد العبث والتلهي بشرط أن لا يؤدي إلى التلفيق الممنوع شرعًا لإخلاله بواجب احترام الشريعة الأصلية.

ثالثًا: التلفيق الممنوع هو ما ذكرته مرارًا وأدى إلى تتبع الرخص عمدًا أو استلزام نقض حكم الحاكم أو الرجوع عن أمر مجمع عليه أو بعد العمل بأمر من الأمور التي قلد فيها.

رابعًا: التلفيق جائز للضرورة أو الحاجة في أحكام الشريعة المبنية على اليسر والسماحة كالعبادات المحضة غير المالية وفي أحكام المعاملات القائمة على مبدأ رعاية المصالح ودفع المضار والمفاسد؛ ما لم يؤد ذلك إلى تقويض دعائم الشريعة والقضاء على سياستها وحكمتها لإسعاد الناس في الدارين.

أخيرًا، على المفتي أو المجتهد أو المقلد التزام ثوابت الشريعة وأحكامها الأساسية وله في مجال الأحكام القياسية المصلحية أو العرفية مراعاة المصالح الزمنية والأعراف التي لا تصادم نصًا شرعيًا، كما له أن يلاحظ سد الذرائع والمفاسد والمضار، ولا بد في الترجيح بين الآراء من التزام ظاهر القرآن والسنة والعمل بالحديث الصحيح وعدم الخروج عن الإجماع ولا داعي للعصبية المذهبية بعد هذا المنهج الذي ارتأيته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكرًا.

الشيخ علي التسخيري:

بسم الله الرحمن الرحيم

أود أولاً أن أشكر كل الذين كتبو في هذا الموضوع فقد كانت كتاباتهم مفيدة حقًا، إلا أني أود أن أعتذر إلى كثير ممن كتبوا فيه بأنهم لم يحرروا محل النزاع بدقة وربما خرجوا عن الموضوع، الموضوع المطروح هو مسألة تتبع الرخص، والتقسيمات التي ذكرت أحيانا في بعض المقالات وصلت إلى أربعين صفحة هي أنواع الرخص الشرعية، والذي يدل على أنه لا علاقة بين الأمرين أنه لا خلاف مطلقًا في أنه لو ثبتت رخصة من أي طريق كانت وبظروفها الحالية فلا شك في جواز اتباع هذه الرخصة، الكلام ليس في الرخص بمعنى الأحكام الثانوية التي تعرض على الأحكام الأولية العامة، الكلام كله في مسألة اتباع رخص المذاهب وأنه لو كانت أمام فرد فتويان فإحداهما ملزمة والأخرى تفقد عنصر الإلزام، أو يقل فيها عنصر الإلزام، فهل له أن يتبع الفتوى التي تفقد عنصر الإلزام أم لا؟ إذا تم هذا فأود أن أقول إن الموضوع في مسألة اتباع الرخص يتوقف على التلفيق بالمعنى الأعم، إن كان التلفيق بين الآراء الاجتهادية أو بين المذاهب وعندما قلنا التلفيق العام أنه معنى عام هو الجمع بين فتويين وأسميته أنا التبعيض فرارًا من كلمة التلفيق التي فيها معنى سلبي بصفة أن يكون التلفيق مصطلحا هل للإنسان أن يتبع فتويين في عملين مستقلين، أو في عمل واحد مركب وأسميه العمل الارتباطي كالصلاة؟ هذا المعنى العام يشمل الأمرين وربما أجاز أحد أن يتبع الإنسان فتويين في عملين مستقلين ولم يجز اتباع فتويين في عمل واحد باعتبار أن هذا العمل واحد يرفضه صاحبا الفتويين معًا. أما إذا كان العملان مستقلين فأتبع فتوى هذا المجتهد في هذا العمل وذلك المجتهد في العمل الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>