للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد جاء في مجال يسر الدين الإسلامي وسماحته ورفع الحرج عن أتباعه من المؤمنين قوله صلى الله عليه وسلم:

- فيما يرويه أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)) (١) .

- وما يرويه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الدين يسر، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)) (٢) .

والمراد: استعينوا على طاعة الله باختيار أوقات نشاطكم وفراغ قلوبكم بحيث تستلذون عبادتكم ولا تسأمونها، كما يستعين المسافر الحاذق على أتعاب سفره باختيار هذه الأوقات (الروحة، والغدوة، والدلجة) فيبلغ قصده بأقل الأتعاب.

- وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يشق على أصحابه في أمر حتى في أوقات تعليمهم، فقد روى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام (أي يتعهدنا بها في الأيام ولا يكثر) كراهة السآمة علينا)) (٣) .

- وفي الحديث الآخر الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يشقوا على أنفسهم بكثرة السؤال كما فعل بنو إسرائيل ويحدد لهم أن يأتوا بالمأمور في حدود الاستطاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم)) ، وفي رواية: ((إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم.. واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (٤) .

- ولقد جاء في الجانب الثاني من الجوانب الثلاثة المذكورة آنفًا وفي مجال أمره صلى الله عليه وسلم الناس بالتخفيف والاعتدال ونهيهم عن التنطع والتعمق والتشديد أحاديث عديدة منها:

- ما جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هلك المتنطعون)) (٥) . (قالها ثلاثًا) وفي رواية: ((ألا هلك المتنطعون)) والمتنطعون هم المتعمقون والمتشددون في غير موضع التشديد.


(١) حديث متفق عليه؛ انظر البخاري: كتاب العلم – باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كيلا ينفروا.
(٢) الغدوة: سير أول النهار، والروحة: سير آخر النهار، والدلجة: آخر الليل. هذا لفظ البخاري في: كتاب الإيمان – باب ٢٩ الدين يسر وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.
(٣) انظر البخاري: كتاب العلم – باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كيلا ينفروا.
(٤) متفق عليه – انظر البخاري: كتاب الاعتصام – باب الاقتداء.
(٥) أخرجه مسلم في القدر: وأبو داود في السنة. انظر ذخائر المواريث عدد ٤٧٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>