للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يواصل (جب) حديثه عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقرآن فيقول: (إن مكة كانت في حياة زاخرة بالتجارة والسياسة والدين، وإنه وجدت فيها زعامة وزعماء، وإنه وجد ظلم اجتماعي بين سكانها، وإن الرسول محمدًا انطبعت في نفسه كل هذه الجوانب، وكان على وعي تام بها، ترى آثارها في حياته وفي قرآنه وفي كفاحه إلى أن مات) (١) .

وافتراءات (جب) واضحة البطلان بينة البهتان تفقد المنطق وتجانب الصواب، وخلاصة ما يرى (جب) أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تأثر بالبيئة التي عاش فيها وشق طريقه بين الأفكار والعقائد الشائعة في بيئته، فالقرآن كما يرى (جب) من صنع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن ملاءمات هذه البيئة التي عاش فيها.

وقمة الباطل عند (جب) ادعاؤه بأن القرآن الكريم كان أثرًا من آثار إحساس الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالظلم الاجتماعي الذي ساد أهل مكة، وأن أثر هذا الإحساس وهو القرآن الكريم بدأ واضحًا في حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي كفاحه إلى أن مات)

(٢) .

وقد ردد نفس التهم المستشرق (هـ. ج. ويلز) والهدف من ذلك واضح وهو تشويه القرآن وتشويه الإسلام، فقد ردد هذا المستشرق أن القرآن الكريم من صنع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكر ذلك في مواضع من كتابه الذائع الصيت: (معالم تاريخ الإنسانية) الذي ترجم إلى العربية، وطوف آفاق العالم الإسلامي، وحظي بالرضا والقبول من الدارسين (٣) .

كما آثار المستشرقون ـ بمنهجهم الاستشراقي الذي يقوم على جمع الآراء والظنون والأوهام ـ شبهات أخرى حول القرآن، تحاول أن تجتث أصوله لتأتي على قواعد هذا الدين، وهم نصبوا أنفسهم للقضاء عليه.


(١) جب: المذهب المحمدي: ٢٥ وما بعدها
(٢) قارن بما جاء في: الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام: ص ٣٠، مرجع سابق
(٣) راجع ما كتبه: هـ. ج. ويلز: معالم تاريخ الإنسانية: ٣/ ٦٢٦ وما بعدها ٦٤٠، ٦٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>