للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الثاني

أساليب الغزو الفكري في التشكيك

وسوف أتناول الموضوع بشئ من التفصيل، حتى يتضح لنا مدى خطورة الغزو الفكري، وأثره في تشوية الإسلام، وزعزعة العقيدة الإسلامية عند ضعيفي الإيمان.

١- الطعن في القرآن الكريم:

إذا كان للمسلمين تراث يعتزون به فليس هناك أعز عليهم من القرآن الكريم، ذلك أن القرآن رسالة السماء إلى الأرض حملها المسلمون ليكونوا خلفاء الله في أرضه، وقادة هذا العالم، وبناة حضارته، وهداته الراشدين.

ومنذ تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم بدأت أولى خطواته في دنيا الناس ليأخذ مسيرته، وأخذ المسلمون إذ ذاك يرصدون حركته، ولقد كان لمعاصريه جلي السيرة واضح القسمات والمعالم، فقد شاهدوا كيف تلقاه النبى وحيًا منزلًا على مدى ثلاثة وعشرين عامًا، لاتغيب عنهم شاردة ولا واردة، حتى يقسم ابن مسعود رضى الله عنه على أنه ما من آيه نزلت من كتاب الله إلا وهو يعلم فيمن نزلت: وأين نزلت.

قال ابن كثير: (قال عبد الله بن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت آيه من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته) (١) وسئل عكرمة عن آية من القرآن فقال: نزلت في سفح ذلك الجبل وأشار إلى (سلع) (٢) .

وحشد الصحابة جهدهم مع البنى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتلقوه عنه حفظًا في الصدور وتسجيلًا في السطور، حتى غدت أعمالهم في العناية به والدفاع عنه جزءًا من تاريخ الإسلام والمسلمين.

ومحاولة تشوية القرآن الكريم قديمة ممتدة في التاريخ الإسلامي، مواكبة لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم, حمل لواءها أعداء الإسلام من اليهود، ومن النصارى والوثنين أجيالًا بعد أجيال إلى يومنا هذا.

إن من أخطر ما يواجه المثقفين المسلمين اليوم أن يجدوا بين أيديهم موسوعات ومؤلفات تقدم لهم الفكر الإسلامي، من وجهة نظر (غربية نصرانية) تختلف اختلافًا أساسيًّا عن مفهوم الإسلام الأصيل، وقد كتبت هذه الدراسات والموسوعات من خلال هدف واضح هو (تغريب) الفكر الإسلامي وتزييف مفاهيمه وإثارة الشبهات حول حقائقه (٣) .


(١) تفسير ابن كثير: ١/ ٣، مطبعة عيسى البابى الحلبى، بدون تاريخ
(٢) قارن بما جاء في كتاب مباحث في علوم القرآن. د. صبحى الصالح: ص ١٣٢
(٣) سموم الاستشراق في العلوم الإسلامية، أنور الجندي: ص ١٦، دار الجيل، بيروت

<<  <  ج: ص:  >  >>