للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- آثار الغزو الفكري في وسائل الإعلام.

إن الغزو الفكري لم يقف على مناهج التعليم فحسب، في حربه مع الإسلام، وإنما تعدى ذلك إلى أداة أخرى لا تقل خطرًا إن لم تكن أخطر، تلك هي وسائل الإعلام على تنوعها واختلافها.

لقد أدرك المستعمرون ما لهذه الوسائل الإعلامية من خطر فاستخدموها إستخدامًا ناجحًا في غزوهم الفكري المنظم لأمة الإسلام.

يقول مؤلفا (التبشير والاستعمار في البلاد العربية) (١) التبشيرية الأجنبية: (إن الصحافة لا توجه الرأي العام فقط، أو تهيئه لقبول ما ينشر عليه بل هي تخلق الرأي العام) .

ووسائل الإعلام المتخلفة من صحافة وإذاعة وتليفزيون وسينما مسخرة لإشاعة الفاحشة، والإغراء بالجريمة، والسعي بالفساد في الأرض بما ترتب على ذلك من زعزعة للعقيدة في النفوس، وتحطيم للأخلاق والقيم والمثل.. وهما ـ العقيدة والأخلاق ـ أساس لبناء الإسلام فإذا انهدم الأساس فكيف يقوم البناء؟ وأجهزة الإعلام أشد خطرًا من المدارس والجامعات، فهي تخاطب جميع فئات الأمة؛ متعلمين وغير متعلمين، وصغارًا وكبارًا، ونساء ورجالًا، وحضريين ورييفين، وأغنياء وفقراء، وقد شكلت هذه الأجهزة وفق قيم ومناظر بعيدة عن الإسلام عقيدة وشريعة (٢) .

وإذا كانت السيطرة على أجهزة التعليم والتشريع متعذرة في بعض البلاد فإن التغلغل إلى أجهزة إعلامه الداخلية، وإغراق سوقه بمنتجات إعلامية موجهة وجهة تغريبية يضمنان تطبيع أجياله تطبيعًا مدمرًا.

وإذا كانت المدارس تقوم بتدريس الدروس الدينية، والمساجد ما زالت عامرة بالمصلين فإن توجيه عشرات أجهزة الإعلام توجيهًا تغريبيًّا يضمن حدوث خلل نفسى, وتناقض وجدانى، وتمزق عقلى، وإزدواج في الشخصية.

وبذلك استطاع الغزو الفكري أن يخلق أجيالًا وفق قيم معينة تتصادم مع قيم أخرى مبثوثة هنا وهناك.


(١) التبشير والاستعمار في البلاد العربية: ص٢١٣، الطبعة الثانية
(٢) وسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي , ص٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>