للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- آثار الغزو الفكري في السياسة:

أما في عالم السياسة فلم يكن الأمر أقل سوءًا، بل ربما كان أشد خطورة.. لقد حاول نابيلون من قبل تنحية الشريعة الإسلامية، ووضع (قانون نابليون) بدلًا منها.

ومنذ أن تسلط الغرب الصليبي على الشرق الإسلامي.. أخذ يحدث التغيير السياسي اللازم.. لبقاء سيطرته أولًا ثم لتحقيق الهدف من هذه السيطرة ثانيًا فكان:

إحتلال فرنسا للجزائر سنة ١٨٣٠، ولتونس سنة ١٨٨١م، ومراكش سنة ١٩١٢م، وللشام سنة ١٩٢٠م، وكان احتلال بريطانيا سنة ١٨٥٧م للهند إيذانًا بزوال إحدى الدول الإسلامية الكبرى التي قامت في مستهل القرن التاسع عشر، وإحتلالها لمصر سنة ١٨٨٢م، وللعراق سنة ١٩١٤م، ولفلسطين سنة ١٩٢٠م.

وقد كان هذا التوزيع نتيجة للاتفاق المبرم بين بريطانيا وفرنسا سنة ١٣٢٢هـ ١٩٠٤م عن جانب من سياسة تقطيع أوصال العالم الإسلامي (١) .

وصحب ذلك التقسيم إثارة القوميات المختلفة كالقومية الطورانية في تركيا،والقومية العربية في البلاد العربية، حتى اقتتل المسلمون تحت قيادة النصارى باسم القومية والتحرير.

وقد صحب ذلك دعوة خبيثة إلى العلمانية.. بمعنى فصل الدين عن الدولة تبنتها جماعات مشبوهة الصلات والأهداف ...

القومية العربية كبديل عن الإسلام:

وكان الشيء الخطير في هذه الدعوة إلى (القومية العربية) أنهم جعلوها بدلًا عن الإسلام ورسالة محمد (صلى الله عليه وسلم) (٢) من أن العروبة بغير الإسلام، تصبح لفظًا بلا معنى، وجثة بلا روح.

وماذا يبقى في تاريخ العرب لو أننا فرغناه من تاريخ الإسلام، وأمجاد المسلمين, وما خلفه أعلامهم وعلماؤهم وأبطالهم من روائع؟ هل يبقى فيه إلا حرب البسوس وداحس والغبراء وغيرها من أيام العرب، وغارات بعضهم على بعض. مضافًا إليها بعض قصص الكرم والشجاعة والنجدة التي لا تكون تاريخًا له اعتبار (٣) .


(١) أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي: ص٤٥
(٢) بهذا العنوان (القومية العربية كبديل عن دين الله ورسالة محمد) قدم الدكتور محمد البهي بحثًا إلى المؤتمر الخامس لـ (مجمع البحوث الإسلامية) بالأزهر، هاجم فيه قومية ساطع الحصري ومشيل عفلق وجورج حبش
(٣) الحلول المستوردة، وكيف جنت على أمتنا: ص ٣٠٢، د. يوسف القرضاوى، مكتبة وهبة، الطبعة الثالثة، ربيع ١٣٩٧هـ مارس ١٩٧٧م

<<  <  ج: ص:  >  >>