للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عطية: قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} على وزن فعلة أي ذات حمأة، ويقرأ عاصم في رواية أبي بكر والباقون (في عين حامية) أي حارة، وقد اختلف في قراءة ذلك معاوية وابن عباس، فقال ابن عباس رضي الله عنهما (حمئة) وقال معاوية (حامية) فبعث إلى كعب الأحبار ليخبرهم بالأمر كيف هو في التوراة؟ فقال لهما: أما العربية فأنتما اعلم بها مني (١) . ولكني أجد في التوراة أنها تغرب في عين ثأط، والثأط الطين ... وذهب الطبري إلى الجمع بين الأمرين فقال: يحتمل أن تكون العين حارة ذات حمأة فكل قراءة وصف من أحوالها وذهب بعض البغداديين إلى أن في بمنزلة عند كأنها مسامتة من الأرض فيما يرى الرائي لعين حمئة) (٢) .

وقال الدكتور عبد الجليل شلبي: (وما تقوله الآية هو أن هذا الرجل جال في الأرض حتى وقف على شاطئ بحر أو محيط فرأي الشمس عندما تصل في مرآه إلى الأفق تغيب في الماء وأن الماء الأزرق حيث تغيب الشمس تشوبه صفرة أو حمرة تجعله عكرًا، فهذه هي عين الماء الحمئة، ليست البئر) (٣) .

فتبين من ذلك أن المقصود التشبيه والتمثيل وليس الحقيقة كما فهم رجال المجلس القبطي، وإذا فرض أنها على الحقيقة فهي من توراتهم كما روى عالمهم القديم كعب الأحبار.


(١) هكذا يكون الأدب، وكان الواجب على هؤلاء الجاهلين المعاصرين أن يقتدوا بسلفهم في الأصل، ويردوا علوم العربية وألفاظها إلى أهلها ما داموا لا يفهمون!!
(٢) تفسير ابن عطية: ٩/٣٩٣ ـ ٣٩٤
(٣) رد مفتريات على الإسلام: ص ١٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>