للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن فنحن أما عدة أقوال بعضها يستخدم الأخوة على حقيقتها وهارون المذكور أخو مريم من النسب، والبعض يستخدمها على المجاز والكناية سواء كان هارون عبدًا صالحًا أو أخا موسى، ولم يقل أحد كما رأينا إنها تعني أخت هارون أخا موسى على الحقيقة حتى يجئ هؤلاء المغفلون ويستنكرون ذلك على القرآن ويعتبرونه خطأً فاحشًا فالاستنكار عليهم ولا خطأ من فهمهم أو من حقدهم لأن أحد الأقوال إن مريم أم عيسى هي أخت هارون وموسى عليهم جميعًا السلام لأن بينهم كما قال ستمائة عام أو كثر. ولذلك تراجع كثير من مرددي هذه الدعوى القديمة عن ذكرها، ولكن بعض المعاصرين يحييها وذلك دليل جهله وتخلفه.

(ب) قول تيموثا قول تيموثاوس: جاء في القرآن في سورة الكهف في الحديث عن ذي القرنين قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا} (١) .

وعلق المجلس الملي القبطي على ذلك بهذه الجملة: (الشمس تغيب في بئر) مستغربًا ومستنكرًا، ثم أكدوا ذلك بقول البيضاوي: (إن الإسكندر الأكبر رآها ورأي طينها وماءها وناسًا عرايا حولها) (٢) .

والواقع أن هذا الإدعاء باطل كسابقه، راده ـ كغيره ـ إلى الجهل وسوء الفهم للغة العربية وألفاظها ودلالاتها وبلاغتها، فلم يقل أحد إن الشمس تغيب في بئر حقيقي كما فهموا وعبروا، وإنما التعبير تشبيه تمثيلي كأن الشمس عند الغروب على سطح المحيط، وعند اختلاط الصفرة والحمرة من أشعتها مع ماء المحيط تبدو لمن يراها من بعيد كأنها تسقط في عين حارة ملتهبة أو بئر متفجرة بالنيران، وكثيرًا ما رأينا الرسامين يعبرون في لوحاتهم عن هذا المنظر (منظر الغروب) كما عبر عنه القرآن الكريم، فالكلام ليس على الحقيقة ولكنه التشبيه والتمثيل، وحين رجعنا إلى التفسير وجدنا هذه المقولة من كلام كعب الأحبار الذي كان يهوديًا ثم أسلم، فبضاعتهم ردت إليهم، واستغرابهم واستنكارها يرجع إلى توارتهم.


(١) سورة الكهف: الآية ٨٦
(٢) رد مفتريات على الإسلام: ص ١٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>