للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(د) قالوا: إن الآية {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (١)

تتعارض مع قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (٢)

فهل هذا صحيح؟ كلا والله فالعدد في الآيتين يقصد به حقيقة وإنما هو كتابه عن الطول، وهذا معروف في البلاغة وفي عرف الناس، كلفظ السبعين في قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (٣)

فلا يعنى ذلك أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لو استغفر لهم أكثر من سبعين يغفر الله لهم، وإنما معناه: لا فائدة من الاستغفار لهم فلن يفغر الله لهم، ولذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((لو علمت أنى إذا زدت على السبعين يغفر لهم لزدت)) (٤) . وكما تقول لصديقك: جئتك عشر مرات أو أكثر، تريد أنك زرته كثيرًا، فالقرآن يعبر عن يوم القيامة بألف سنه أو خمسين ألف سنة ولا يريد عدد السنوات، وإنما يريد أنه يوم طويل، فأين التناقض إن كنتم تفهمون؟


(١) سورة السجدة: الآية ٥
(٢) سورة المعارج: الآية ٤
(٣) سورة التوبة: الآية ٨٠
(٤) رواه أحمد والبخاري والترمذي النسائي وابن أبى حاتم وغيرهم، انظر تفسير ابن عطية: ٢/٥٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>