للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هـ) قالوا: إن الآية {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} والآية {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} متناقضتان، فالآية الأولى تنفي القسم والثانية تثبته. وهكذا يقولون لأنهم لا يفهمون العربية واستخداماتها ودلالات حروفها وتنوعها، لقد ظنوا أن (لا) نافيه، ورتبوا على ذلك أنه لا أقسم فكيف يقسم بعد ذلك؟ ونقول لهم: إن (لا) ليست نافيه ولكنها تأكيد للقسم كقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (١) .

وهذا شائع في اللغة العربية لمن يعرفها ويتذوقها (٢) . فلا تناقض بين الآيتين.

(و) قالوا: إن الآية {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٣) .

تتناقض مع الآية {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (٤) .

والآية {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} (٥) .

فهل هذا صحيح؟ كلا، لأنهم فهموا خطأ أن الآية الأولى تقصر الشفاعة على الله، والآيتان الأخريان فيهما الشفاعة لغير الله، وهذا فهم خاطئ فالأمر كله لله تعالى، وما دام الأمر كذلك فليس لأحد شفاعة من دون الله، ولكن إذا أذن الله لأحد أن يشفع كان له ذلك بإذن من الله، فالأمر كله لله إن إذن في الشفاعة وجدت وإن لم يأذن فلا شفاعة، فأين التناقض؟


(١) سورة النساء: الآية ٦٥.
(٢) انظر: مفتريات على الإسلام: ص.٧٠.
(٣) سورة الزمر: الآية ٤٤
(٤) سورة السجدة: الآية ٤
(٥) سورة يونس الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>