للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ـ لم يبق بعد ذلك من حجج أو شبهات إلاَّ ما استندوا إليه ٠ لسوء فهمهم ـ من بعض الأيات، أو فهموها ولكن حقدهم أعمى بصائرهم حتى قالوا ما قالوه؛ فقد كان من رحمة الله تعالى بعبادة وتيسيره عليهم أن تدرج معهم في تكاليفه وتشريعاته في نقلهم من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام ونظامه وضوابطه، وقد اقتضى هذا التيسير والتدرج أن ينسخ الله تعالى بعض الآيات ويأتي بآيات أخرى وأحكام أخرى أخف وأيسر، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرف أصحابه بذلك بعد نزول جبريل عليه السلام بالتغيير وتعريفه بالنسخ، فالمغير إذن هو الله تعالى، والمبدل هو الله عز وجل لا رسوله وأصحابه وأمته، هذا باب معروف من أبواب علوم القرآن والتشريع الإسلامي وهو ((النسخ)) وفيه يقول الله تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١) .

وقد يكون النسخ للتلاوة والحكم معًا وقد يكون لأحدهما مع بقاء الآخر وذلك المعروف في القرآن الكريم، وفد نعى الله تعالى على المشركين وعلى من جاء بعدهم إلى يوم القيامة ممن يشبههم في مقولتهم عن ذلك النسخ بأنه تحريف وتبديل كما فعل اليهود والنصارى ووصفهم الله تعالى بالجهل وسوء الفهم، فقال الله تعالى {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٢) .

فالناسخ والمبدل هو الله تعالى رحمة بعباده وتيسيرًا عليهم لعلمه عز وجل بما ينفعهم ويصلحهم، أما اليهود والنصارى فقد كانوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويكتبون الكتاب بأيديهم ويكذبون ويقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا.


(١) سورة البقرة: الآية ١٠٦
(٢) سورة النحل: الآية ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>