للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما سبق يتبين بكل قوة ووضوح بطلان ما ادعاه المبشرون والمستشرقون في الماضي والحاضر من أن القرآن غير معجز، وتبين بما لا يقبل ذرة من الشك، الإعجاز العظيم للقرآن الكريم فيما عرفناه من لفظ ومعنى ونظم ومحتوى وعلم طبيعي أو أخلاقي وغيب ماضي وغيب مستقبلي إلى ما لم نعرفه بعد من أسرار وأن إعجاز هذا باق إلى يوم القيامة، وصدق رسول الله: إلا أنها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله؛ فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (١) . من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم" (٢) .

وبعد هذا الوصف الشائق الشامل المروي عمن أنزل عليه القرآن والذي هو أدرى الناس بمدى إعجازه على الذين ادعوا أنه ليس معجزا أن يأتونا بما لديهم من توراة وإنجيل لنرى أي الكتب خير وأيها أصدق. فهل بقي بعد هذا كله أي شبهة أو أثر لتلك المقولة السخفية: أن القرآن ليس معجزا! وإذا كان القرآن غير معجز فما المعجز إذن وكيف يكون الإعجاز؟ حقا إذا لم تستح فاصنع ما شئت!!


(١) سورة الجن: الآيتان: ١، ٢
(٢) المسند: ١/٩١، وسنن الدارمي: ٢/٤٣٥، وسنن الترمذي: ٨/٢١٨، حديث رقم ٢٠٧٠، انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، تحقيق الدكتور محمد رأفت سعيد: ١/٤٢، وهامشها، وذكره ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز؛ المقدمة: ١/١٣ ـ ١٤ وهامشها

<<  <  ج: ص:  >  >>